الأمن القومي العربي هو الآن في أدنى مستوياته ، والأراضي والمصالح والقيم العربية مهددة من القوى الكبرى والقوى الإقليمية ، كما أن التمزق العنصري والمذهبي والجهوي يلعب دوره في انكشاف الوطن العربي للمؤشرات الخارجية المعادية.
من مظاهر غياب الأمن القومي العربي استمرار الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع ، والوجود الإيراني على أرض العراق ، والعدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة وجنوب لبنان ، والانقسامات الأهلية في لبنان ، وانفصال جنوب السودان ، والخلافات في منظمة التحرير الفلسطينية ، وانفصال قطاع غزة. والخلافات العربية ، والانحياز إلى الأجنبي ضد العربي ، وتاثر الاقتصاديات العربية بهبوط سعر النفط ، وتصاعد موجه التعصب الديني والانقسام المذهبي ، وأخيراً وليس آخراً أزمة الديمقراطية في الوطن العربي التي تشكل الخلفية الكامنة وراء الكثير من مظاهر غياب الأمن القومي.لم يحصل إجماع على مفهوم الأمن القومي ، فهناك النظرية الاستراتيجية التي ترى في الأمن القومي القدرة على الصمود في وجه التهديد والاعتداء الخارجي.وهناك النظرية الاقتصادية التي ترى فيه استمرار توافر مادة حيوية مثل الطاقة بالنسبة للدول الصناعية ، والغذاء بالنسبة لدول العالم الثالث.وأخيراً هناك النظرية الانمائية التي قال بها رئيس سابق للبنك الدولي ، وخلاصتها أن الأمن القومي هو القضاء على الجوع والعوز عن طريق التنمية.الأمن القومي العربي بالذات هش ومهدد تحت جميع هذه النظريات ، الأمر الذي يجب أن يدفعنا إلى تشخيص الأسباب ومحاولة إيجاد الحلول ، لأن من غير المعقول أن تقبل أمة تحترم نفسها بأن تظل تحت رحمة أعدائها.ليس هناك شح في الأبحاث العربية حول مظاهر اختلال الأمن القومي العربي وأسبابه ، مثل التجزئة والاستبداد والفساد والتخلف ، والتفاوت الشاسع في الغنى والفقر ، والاخطار الخارجية المحدقة والطامعة بالأرض والثروات والنفوذ السياسي.لكن سبباً كبيراً يكمن وراء ضعف الأمن القومي العربي هو تدني مستوى الكفاءة أو الاداء لدى الأنظمة العربية ، وهدر الموارد البشرية والمالية.تكفي معرفة أن الانفاق العسكري العربي يعادل ستة أمثال الإنفاق العسكري الإسرائيل ، وتعداد الجيوش العربية يقارب ثمانية أضعاف تعداد الجيش الإسرائيلي ، ومجموع موازنات الحكومات العربية يعادل اثني عشر ضعف الموازنة الإسرائيلية. وإذا كان العرب يجندون 2ر1% من المواطنين للقوات المسلحة ، فإن إسرائيل تجند 5ر4% في أوقات السلم ، وترتفع النسبة لأكثر من 15% في حالة الحرب.الوطن العربي غني بموارده البشرية والجغرافيـة والاقتصادية ، وهي أركان القوة والأمن القومي ، ولكن الأنظمة العربية تهدر هذه الموارد ، وتعجز عن توظيفها بكفاءة لخدمة أهداف الأمن القومي العربي.الرأيالأمن القومي العربي
مدار الساعة ـ


