مخصصات النفقات الرأسمالية في موازنة عام 2026 تشير إلى زيادة -حتى ولو كانت اقل من المطلوب لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام- إذ يُقدر إجمالي هذه النفقات بنحو 1600 مليون دينار مقارنة بحدود 1370 مليون دينار في تقديرات عام 2025، أي زيادة قدرها 230 مليون دينار ونسبة نمو تقارب17 %.
وهذه الزيادة تعني توسعاً في الاستثمار الحكومي في المشاريع التنموية رغم الضغوط المالية، فالمسح الرقمي للتوزيع يكشف ان مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي والبالغة 396 مليون دينار، أي نحو ربع الإنفاق الرأسمالي، تشهد نمواً بنسبة 17.5 % عن تقديرات السنة السابقة.تمثل مشاريع الجهاز العسكري والأمن والسلامة العامة 277 مليون دينار، أي حوالي 17 % من إجمالي النفقات، وهو نمو لا يتجاوز 9 % قياساً على 2025، وتنال مشاريع تنمية وتطوير البلديات 210 ملايين دينار، أي قرابة 13 % من الإجمالي، مع زيادة ملحوظة بنسبة 17 % تعكس اهتماماً بالسلطة المحلية.أما مشاريع المحافظات فتتراجع حصتها إلى 100 مليون دينار، ما يعادل 6 % فقط، وزيادتها بنسبة 4 % تكاد تكون هامشية، في حين، تحصل المشاريع الممولة من القروض على 44 مليون دينار، أي أقل من 3 % من المجموع، لكنها تسجل أعلى معدل نمو نسبي يبلغ 37 % رغم صغر حجمها المطلق.الأرقام تُبين أنّ بند “باقي مشاريع الوزارات والدوائر” ارتفع من 473 مليون دينار في تقدير عام 2025 إلى 573 مليون دينار في تقدير 2026، أي بزيادة قدرها 100 مليون دينار ،كما يُظهر أن إجمالي النفقات الرأسمالية ارتفع من 1370 مليون دينار في تقدير 2025 المُحدَّث إلى 1600 مليون دينار في تقدير 2026، بفارق 230 مليون دينار.وعندما نقسم الـ100 مليون دينار المخصصة للـ“باقي المشاريع” على إجمالي الزيادة البالغة 230 مليون دينار نحصل على نسبة تقارب 43.5 %، أي أن ما يقرب من 44 % من الزيادة الإجمالية يذهب إلى هذا البند.وفي المقابل، يحصل بند رؤية التحديث الاقتصادي على 59 مليون دينار إضافي (حوالي 26 % من الزيادة)، ما يعكس التزام الحكومة بتنفيذ الرؤية التي أُطلقت لتعزيز النمو والتشغيل، بينما يذهب 30 مليون دينار لبلديات المملكة (13 % من الزيادة) و22 مليون دينار للأمن والسلامة (10 %)، فإن المحافظات تحصل فقط على 6 ملايين دينار إضافية (2.6 %)، ما يشير إلى أن اللامركزية ما تزال تعاني من ضعف في الحصة التمويلية.هذا التوزيع يحمل دلالات سياسية واقتصادية، لذلك فإن تخصيص ربع الإنفاق تقريباً لمشاريع التحديث الاقتصادي هي خطوة في الاتجاه الصحيح إذا كان الهدف هو تحفيز النمو من خلال بنية تحتية حديثة وقطاعات إنتاجية جديدة، غير أن تضخم بند “باقي المشاريع” إلى أكثر من ثلث الإنفاق يفتح الباب أمام تضارب الأولويات، خاصة إذا افتقر إلى معايير تقييم موضوعية.في النهاية، يمكن القول إن موازنة 2026 تعكس رغبة الحكومة في توسيع الإنفاق الرأسمالي، لكن تفاصيل التوزيع تكشف أولويات يجب مناقشتها، والاعتماد على مشاريع غير واضحة المعالم لابتلاع 36 % من الموارد يضعف القدرة على قياس الأثر التنموي.وفي المقابل، فإن رفع مخصصات التحديث الاقتصادي والبلديات مؤشر إيجابي على محاولة تحريك النمو الاقتصادي وتحسين الخدمات المحلية، في حين يبقى التحدي في تحقيق توازن بين المركز والمحافظات، وبين التمويل الذاتي والقروض؛ وإلا قد تتحول الأرقام الكبيرة إلى مجرد ديكور مالي بلا أثر ملموس.توزيع مخصصات الإنفاق الرأسمالي
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ