أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الكلاب الضالة أكبر من مشكلة محلية


احمد الحسبان

الكلاب الضالة أكبر من مشكلة محلية

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

يبدو أن مشكلة الكلاب الضالة ليست مشكلة محلية فقط، فمثلما يشكو الأردنيون من تفاقمها، ترتفع وتيرة الشكوى في دول أخرى من ذات الحالة. فإضافة إلى ما يشكو منه الأردنيون في مختلف المحافظات، تتحدث تقارير إخبارية عن شكاوى مماثلة في دول أخرى من بينها مصر، والمغرب، وتركيا. حيث تتكاثر الكلاب الضالة، وتسن التشريعات التي تجرم قتل تلك الكلاب، وتزداد عمليات العقر والنهش للسكان وترتفع أعداد الإصابات بالأمراض المعدية والقاتلة، وتحدث وفيات جراء الإصابة بأمراض تنقلها الكلاب الضالة إلى الإنسان إما بالعدوى العادية المباشرة أو جراء العقر والنهش.

ففي الأردن، أجمعت التحليلات حول أسباب تلك الظاهرة، على جملة عناصر، أبرزها أن أعداد الكلاب الضالة تضاعفت عشرات المرات، وتوسعت دائرة تكاثرها وانتشارها ضمن متوالية حسابية معقدة، وقراءات تربط تلك الصورة بهروب مئات الآلاف من الكلاب من سورية ومثلها من العراق، خلال فترة الحرب، وانتشرت هنا وتكاثرت مع الكلاب الضالة على الأرض الأردنية، التي تزايدت لأسباب مختلفة ما أدى إلى تفاقم المشكلة وبلوغها هذا المستوى، وصولا إلى الاهتمام الخارجي وما تبعه من ترتيبات وإجراءات داخلية تلتقي مع أهداف جمعيات دولية تبدي اهتمامها بالحيوان، دون أن تبتعد عن أهدافها السياسية التي لا يختلف اثنان على تحديد ماهيتها. فالكثير من تلك الجمعيات توظف العناوين الإنسانية لتحقيق أهداف سياسية معينة قد لا يكون» الرفق بالحيوان» بعيدا عنها.

ما يعزز القناعة بفاعلية العامل الخارجي، أن كل تلك الأمور حدثت خلال الأعوام القليلة الماضية، وعلى شكل صحوة مفاجئة تبالغ في التشدد على» حرمة قتل الكلاب الضالة» مهما بلغ أذاها من مدى، ومن خلال جمعيات تم تأسيسها لهذه الغاية، وتشريعات وضعتها حكومات الدول، وتعليمات تنفيذية تعاقب من يقدم على قتل كلب ضال تحت أي ظرف، وحراك نشطاء يواصلون التنظير في كيفية التعامل مع تلك الكلاب، ودعوات بأن يكيف الإنسان ممارساته وفقا لما لا يثير حفيظة قطعان الكلاب الضالة التي تنتشر في شوارع وأزقة المدن والقرى وفي المزارع والشوارع الرئيسية تلحق الأذى بكل ما تراه أمامها، وتبول على كل شيء في طريقها بما في ذلك المزروعات المنزلية من حشائش وأشتال وغيرها.

هنا، وبعيدا عن تعصب أصحاب نظرية المؤامرة، وقريبا من تسطيح أي مشكلة باعتبارها عرضية، يمكن القول إن مشكلة الكلاب الضالة» طبت» علينا فجأة، بشكل جديد ووفقا لمخرجات تنظير جديدة، تنسف كل ما كنا نعرفه عن الكلاب التي كان لها دور مهم في حياتنا اليومية، عندما كان التعامل بين الكلاب والبشر محكوما بضوابط يرسمها الإنسان ويتقيد بها الكلب، ولا يجوز لأحد من الطرفين أن يتخطاها. حيث خرجت ظاهرة الكلاب عن إطارها المألوف، وتحولت إلى قطعان ضالة تدب الرعب في نفوس وقلوب الأطفال والكبار، تنتشر وسط الأحياء السكنية وفي الشوارع الرئيسية والفرعية، وتدخل كل باب تراه مفتوحا أو حتى مواربا، وتعتدي على البشر بحكم ما لحق بها من جوع، وانفلات، وما أصابها من أمراض قد تكون قاتلة لبني البشر. وفي المقابل تأسست العشرات من الجمعيات المعنية بهذه القطعان من الحيوانات الضالة وفي مقدمتها الكلاب، واستندت في تأسيسها إلى قوانين تمنع الإنسان من الدفاع الفعال عن النفس. وتعتمد في الترويج لمطالبها على فرضية تطبع الانسان بطباع تتناقض مع ما اعتاد عليه في التعامل مع هذا النوع من الحيوانات.

فالخبراء من أصحاب تلك الجمعيات يتنكرون في حملاتهم للطبائع الإنسانية، ويطالبون بترويض الإنسان وفقا لطبائع هجينة قد لا يستطيع التعايش مع بعضها، تفترض تفوق الكلب على الإنسان. فكما هو معروف لا يوجد توازن في الإمكانات بين الكلب والإنسان صغيرا أم كبيرا، ما يعني تغلبه عليه، بما يمكن أن يصل إلى مستوى القتل أو حتى الإصابة بداء الكلب القاتل . مع أن المطلوب حقيقة ليس قتل الكلب وإنما إخراجه من المناطق المأهولة، بدلا من تركه على وضعه الحالي.

وقد يكون في اتفاق بلديتي إربد ومادبا مع جمعيات معنية ما يبشر بحلول إيجابية ناجمة عن تفكير إيجابي وإجراءات يتم التوافق عليها لأول مرة منذ نشوء المشكلة.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ