مدار الساعة - كتبت: إشراق بني مصطفى -الثقافة السياسية يتم تلقينها وتعليمها للأفراد بواسطة مؤسسات التنشئة السياسية على اختلافها، ولا يمكن أن تُعرف الثقافة السياسية بمعزل عن الثقافة العامة، بكونها مدخلاً أساسياً للمشاركة السياسية السلمية.
اليوم، الثقافة السياسية تتأثر سلباً وإيجاباً بالثقافات الفرعية الأخرى، وليست بمعزل عن المتغيرات الدولية والعالمية، فلا يمكن للدولة أن تبني ثقافتها السياسية بشكل مستقل عن محيطها. ومع ذلك، نستطيع العمل على إثراء الحوارات المنطقية، وتعزيز التنشئة السياسية السلمية، وغرس قيم الولاء والانتماء.فالثقافة السياسية تشكل القيم والآراء والمعتقدات والمشاعر والسلوك لدى الأفراد، وبما أن الثقافة السياسية جزء لا يتجزأ من الثقافة العامة، فهي تتأثر تلقائياً بقيمها ومبادئها. كما تتعرض للتغير استجابة للتحولات التي تطرأ على مجتمعاتنا. فمثلاً، قبل التحديث السياسي الذي نعمل عليه حالياً في الأردن، ومع ظهور الأحزاب السياسية، لم يكن شائعاً لدى المجتمع الأردني الحديث عن الأحزاب السياسية، أما في وقتنا الراهن، فقد أصبح الحديث عنها جزءاً من الثقافة السياسية، ويُستخدم أحياناً لتبرير أهداف السلطة الراغبة في تحقيق تطوير وتحول ديمقراطي جذري في المشاركة السياسية وإشراك المواطنين في صنع القرار.فالخطوة الأولى نحو المشاركة السياسية هي الثقافة السياسية، كنوع من التحول الجذري في القيم السياسية وإدارة المشهد السياسي. يتغير المشهد، ويصبح لدى الأفراد علاقة مباشرة مع صناع القرار، دون وجود فاصل حاد بينهم، حيث يدرك الفرد جوانب العملية السياسية بمدخلاتها ومخرجاتها ودوره كفرد بتأثيره على النظام السياسي، ووعيه بحقوقه وواجباته في إطار ثقافته السياسية التي تحولت لمشاركة حقيقية. وعندما يصبح الفرد مدركاً لمجريات العملية السياسية، تكون مشاركته إيجابية من خلال رغبته في الحفاظ على النظام السياسي وتحقيق التكيف، فينتقل من دائرة المتفرج إلى دائرة الوعي السياسي، وهو ما يمثل أحد الدعائم الأساسية للنظام السياسي. وأتمت هذه العملية يتطلب وجود أفراد لديهم رغبة في المشاركة السياسية، والتي تنبع من الثقافة السياسية والتنشئة السياسية.لكن، في بعض الأحيان، ورغم سعي الدولة والسلطة لتحفيز المواطن على المشاركة السياسية، نجد عزوفاً واضحاً من المواطنين. ويعود ذلك إلى اعتقاد الفرد بأن الأهداف الجديدة لا تختلف عن الأهداف السابقة، وبالتالي مشاركته لن تغيّر شيئاً، أو إلى وجود نشاط مجدي أكثر من المشاركة السياسية، أو شكوك الأفراد في قدرتهم على التغيير، أو ضعف الثقة بالمرشح وصوته، وعدم تأثيره على قرارات الحكومة. كما تؤثر طبيعة البناء الاجتماعي والعوامل الاقتصادية، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة، على ضعف الثقة في الحكومة، وتوسع الفجوة بين المواطن وصناع القرار، مما يضعف الاندماج الاجتماعي والسياسي.الثقافة السياسية طريق للمشاركة السلمية
مدار الساعة ـ











