يحمل منح باكستان – الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي – أعلى أوسمتها إلى جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ، بُعداً يتجاوز البروتوكول ليعكس تحوّلاً مدروساً في شبكة علاقات الأردن الدولية.

فالخطوة الاردنية تأتي في لحظة عالمية تتجه فيها موازين القوى نحو الشرق، وفي وقت يعزز فيه الأردن حضوره الدبلوماسي عبر إعادة بناء جسور مع القوى الآسيوية الصاعدة.

وترتكز العلاقات الأردنية–الباكستانية على تاريخ طويل من التعاون السياسي والعسكري والدعم المتبادل في القضايا العربية والإسلامية. وشهدت العقود الماضية برامج تدريب عسكري مشتركة وتبادلاً للخبرات بين القوات المسلحة، إضافة إلى دعم سياسي متواصل للقضية الفلسطينية.

هذا الأساس التاريخي المتين يضفي على التكريم الباكستاني معنى إضافياً، إذ يأتي كتجديد لثقة عميقة وإقرار بدور الأردن المحوري و المستقر في محيط مضطرب.

وقد جاء الوسام في إطار جولة ملكية شملت اليابان وفيتنام وإندونيسيا وباكستان، وهو ما يعكس توجهاً أردنياً واضحاً نحو فتح مسارات جديدة مع الشرق.

وفي ظل تحوّل الاقتصاد العالمي نحو آسيا ونمو الصناعات الدفاعية فيها، يبدو الأردن معنيّاً بتنويع شراكاته وتقليل الاعتماد على محور واحد.

ويشار الى ان هذا الانفتاح لا يعني تغييراً جذرياً في تحالفات الأردن التقليدية، لكنه يعزز مرونة عمّان السياسية، ويوسّع هامش الحركة في عالم متعدد الأقطاب.

وفي ذات السياق ، فإن الجانب الدفاعي حاضر بقوة في دلالات التكريم. فباكستان قوة نووية تمتلك قدرات عسكرية متقدمة، وشراكتها مع الأردن توفر إمكانات ملموسة في الخبرات العسكرية والامنية وفي مختلف المجالات .

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات متصاعدة تتطلب بناء منظومة أوسع للتحالفات العسكرية والأمنية.

وبفضل موقعه السياسي والدبلوماسي، يقدّم الأردن نفسه كوسيط وثيق بين المنطقة العربية والدول الآسيوية. ومنح باكستان هذا الوسام إلى جلالة الملك يعكس تقديراً لدور عمّان في الاستقرار الإقليمي، ويعزز حضورها كفاعل موثوق قادر على التواصل مع مختلف القوى الدولية.

ويمكن قراءة التكريم الباكستاني باعتباره إشارة إلى مرحلة جديدة يتجه فيها الأردن نحو تنويع التحالفات وصياغة شراكات تمتد إلى آسيا العميقة.

وفي عالم يعاد تشكيله، يبدو الأردن من بين الدول القليلة التي تتحرك مبكراً لالتقاط التحولات الكبرى وتوظيفها بما يخدم أمنه واقتصاده ودوره الإقليمي.