في السادس والعشرين من تشرين الأول لعام 2025، افتُتحت الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين، برعاية ملكية سامية، كما جرت العادة، حيث ألقى جلالة الملك خطاب العرش إيذاناً بانطلاق أعمال المجلس بشقيه: النواب والأعيان. مناسبة وطنية متجددة، تجسد التقاليد الدستورية الراسخة في مسيرة الدولة الأردنية الحديثة، وتشكل منبراً لإطلاق الرؤى والسياسات العامة التي توجه عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية في المرحلة المقبلة.
افتتح جلالته الخطاب بالتأكيد على رمزية منبر مجلس الأمة الذي بقي منذ عهد التأسيس، محطة دستورية ثابتة يجتمع فيها الوطن بمؤسساته كافة، شاهداً على مسيرة العهد الأردني الممتدة من الآباء المؤسسين إلى الأحفاد العاملين. منبرٌ تُؤخذ فيه العهود، ويُؤدى عليه القسم، ويُجدد فيه الإخلاص للوطن والقيادة، في تأكيد على مؤسسية الدولة وثبات نهجها واستمرارية مسيرتها رغم تقلبات الزمن وتحديات المرحلة.ما حمله خطاب العرش السامي لم يكن مجرد كلمات افتتاحية، بل رسائل ملكية موجّهة إلى الشعب ومؤسسات الدولة كافة، رسمت خطوطاً عريضة لمسار الأردن في الداخل والخارج. فقد جدد جلالته التأكيد على ثبات المواقف الأردنية تجاه قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، بوصفها ثوابت لا تعرف المساومة ولا تقبل الحياد عنها.وركز الخطاب الملكي على ضرورة أن تتكامل أدوار مجلس الأمة مع الحكومات، في تفعيل أدوات التشريع والرقابة، بما يضمن تحويل الرؤى والخطط إلى واقع ملموس ينعكس إيجاباً على حياة المواطن. فالمرحلة، كما أشار جلالته، لا تحتمل ترف الانتظار أو التأجيل، بل تتطلب مضاعفة الجهود وتوحيدها، لضمان تحقيق المصلحة الوطنية العليا وتسريع وتيرة الإنجاز في مختلف القطاعات.وقد حملت نبرة الخطاب هذه المرة تركيزاً لافتاً على الشأن الداخلي، وضرورة ترجمة البرامج والخطط إلى مشاريع حقيقية تُحدث فرقاً في حياة الأردنيين، اقتصادياً ومعيشياً وخدمياً، في ظل ما يشهده الإقليم والعالم من متغيرات متسارعة وتحديات اقتصادية واجتماعية متشابكة.إن الرسالة الجوهرية لخطاب العرش في هذه الدورة مفادها أن العمل المخلص هو الامتداد الطبيعي للقول الصادق، وأن بناء الدولة الحديثة لا يتحقق إلا بثنائية الإرادة والإنجاز، حيث يتكامل فكر القيادة مع فعل الشعب والمؤسسات. فهي معادلة النهضة الأردنية التي أثبتت عبر التاريخ أن هذا الوطن، برغم محدودية موارده، قادر بعزيمة أبنائه وولائهم على صنع معجزته الخاصة، في ظل جيش عربي وأجهزة أمنية وفية، أقسمت أن يبقى الأردن وطناً كريما ، عزيزا آمناً، مطمئنا ، مستقرا ، شامخاً.العزة يكتب: خطاب العرش.. وفاء العهد وصدق الوعد
مدار الساعة ـ