شهدت قاعات قصر الحسينية اليوم حدثاً سياسياً لافتاً، حين اجتمع جلالة الملك عبدالله الثاني مع عدد من رؤساء الوزارات السابقين، في لقاء وصفه مراقبون بأنه محطة وطنية مهمة تحمل رسائل واضحة للداخل والخارج.
جاء الاجتماع مباشرة بعد عودة الملك من نيويورك، حيث شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستعرض خلالها نتائج الزيارة التي اعتبرها ناجحة على الصعيدين الإقليمي والدولي. تميزت جولة الملك في الأمم المتحدة بشجاعة ووضوح في المواقف، حيث عرض الأردن كقوة سياسية مسؤولة وصوتاً عادلاً في الدفاع عن القضية الفلسطينية، مؤكدًا على دور المملكة القيادي في الحفاظ على استقرار المنطقة. خطاب الملك كان نموذجاً للقوة والدبلوماسية في آن واحد، وجسد التزام الأردن الثابت بالقيم الإنسانية والحقوق الدولية، وأظهر قدرة القيادة الأردنية على التوازن بين الحكمة والصلابة في المواقف الدولية.اللقاء جمع طيفاً واسعاً من قادة الحكومات السابقين، فيما غاب أربعة منهم عن الحضور، ما أضاف بعداً سياسياً على المشهد وأثار تساؤلات حول خلفيات الغياب وتوقيته. وقد بدا الاجتماع وكأنه مجلس استشاري وطني يهدف إلى تبادل الرؤى حول التطورات الإقليمية وسبل تعزيز الاستقرار الوطني في ظل التحديات المحيطة بالأردن.أكد الملك خلال الاجتماع أن المملكة ستظل على أتم الاستعداد لحماية سيادتها وأمنها مهما تكاثرت التحديات، مشدداً على أن مواقف الأردن تجاه القضايا الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ثابتة ولا تقبل المساومة. كما شدد على أهمية التشاور مع أصحاب الخبرة من رؤساء الحكومات السابقين، معتبره ضرورة استراتيجية لتعزيز مناعة الدولة وتقوية موقفها أمام أي ضغوط داخلية أو خارجية.
اختيار قصر الحسينية مكاناً لهذا اللقاء لم يكن صدفة؛ فهو تحول إلى منصة سياسية مهمة لإطلاق المواقف الاستراتيجية الوطنية وإظهار تماسك الدولة الأردنية والتفافها حول قيادتها.
والتوقيت الذي أعقب الجولة الدبلوماسية المكثفة للملك في نيويورك يعكس سعي عمان لرسم خريطة طريق وطنية مستندة إلى التوافق والخبرة، قبل ظهور أي استحقاقات إقليمية جديدة.في هذا السياق، يشكل اجتماع الملك مع رؤساء الحكومات السابقين لحظة مفصلية تؤكد أن الأردن ماضٍ في تعزيز وحدته الداخلية وتثبيت مواقفه الخارجية، وأن صناعة القرار الوطني تقوم على التشاور العميق والاستفادة من الخبرات المتراكمة، ليظل الأردن ثابتاً وقوياً وسط التحديات المتزايدة من حوله.
سيبقى الوطن راسخاً في نزاهته وشامخاً بقيادته وشعبه .. حمى الله الأردن وقيادته الهاشمية.
