أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات جاهات واعراس مناسبات مستثمرون الموقف شهادة جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الصغير يكتب: الذكاء الاصطناعي.. فرصتنا بالأردن قبل فوات الأوان


فلاح الصغير
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمان

الصغير يكتب: الذكاء الاصطناعي.. فرصتنا بالأردن قبل فوات الأوان

فلاح الصغير
فلاح الصغير
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمان
مدار الساعة ـ

من يتابع التطور المذهل في تقنيات الذكاء الاصطناعي Ai يدرك أن الأمر لم يعد مجرد موجة عابرة، بل تحول إلى رافعة أساسية للاقتصاد والمجتمع على مستوى العالم. والأردن، مثل غيره من الدول، أمام فرصة تاريخية إذا أحسن استغلالها.

لدينا الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2023 – 2027، التي جاءت بجهد مشترك بين الحكومة والقطاع الخاص والجامعات والمجتمع المدني، وحددت أولويات مهمة مثل بناء القدرات وتشجيع البحث العلمي ودعم الريادة. كما تضمنت 68 مشروعاً في 12 قطاعاً سيتم تنفيذها بالتعاون بين مختلف الأطراف. لكن التجربة علمتني أن الانتقال من الخطط إلى النتائج الملموسة يحتاج أكثر من إعلان الاستراتيجيات؛ يحتاج التزاماً عملياً لتقليص فجوة المهارات وتأهيل كوادرنا لمتطلبات السوق.

الدراسات تؤكد أن سوق العمل المحلي يواجه نقصاً في المهارات المتقدمة، خاصة في تحليل البيانات، الأمن السيبراني، وتطوير التطبيقات. وحتى مع التعيينات الجديدة في البنوك والقطاعات الأخرى، ما زال جزء كبير من الخريجين يفتقر لهذه الكفاءات. وهذا مؤشر واضح أننا بحاجة إلى تحديث المناهج، وتوسيع الشراكات التدريبية، وإدخال تخصصات حديثة مثل التكنولوجيا المالية وإنشاء مختبرات محاكاة واقعية.

ورغم أهمية الجهود الحالية، مثل مبادرة “غو غلوب” التي تهدف إلى تدريب 30 ألف شخص، أو برامج تدريب الموظفين الحكوميين، أو الشراكات مع مؤسسات عالمية لتعليم تحليل البيانات ودعم النساء والشباب، فإنها تظل أقل من المطلوب أمام سرعة التطور العالمي.

للتوضيح، بلغ حجم الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي عالميًا أكثر من 300 مليار دولار في عام 2024، وهو رقم يكشف حجم السباق الذي قد نتأخر عنه إذا لم نتحرك بسرعة.

لدينا قصص نجاح محلية صغيرة تؤكد الإمكانات، مثل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي لمتابعة صور الأشعة بدقة أعلى، أو شركات ناشئة في مجال التعليم الإلكتروني بدأت توظف خوارزميات التوصية لرفع كفاءة التعلم. هذه إشارات أولية تبعث على التفاؤل، لكنها تحتاج إلى حاضنة وطنية قوية حتى تتوسع وتتحول إلى قصص إقليمية كبرى.

بصفتي متابعاً للتشريعات والقوانين ذات العلاقة، أرى أن هناك وعياً رسمياً بأهمية المجال، لكن المطلوب اليوم هو زيادة الاستثمار في رأس المال البشري، وتسريع تحديث الإطار التشريعي، وتخصيص جزء من ميزانيات الجامعات والشركات لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بنسبة لا تقل عن 10% من استثماراتها القادمة. عندها فقط يمكن أن نختصر الزمن وندخل المنافسة بقوة.

المستقبل لن ينتظرنا، والذكاء الاصطناعي ليس خياراً إضافياً، بل أداة بقاء وتفوق. وإذا أردنا أن يكون الأردن مركزاً إقليمياً في هذا المجال، فعلينا أن نكون، كأفراد وجهات، مستعدين، متأقلمين، ومبادرين للاستفادة من كل ما يتيحه لنا هذا العصر الجديد.

مدار الساعة ـ