أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات جاهات واعراس مناسبات مستثمرون الموقف شهادة جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العشي يكتب: الشباب العربي بين البطالة والابتكار.. من الضياع إلى الريادة


الدكتور محمد العشي

العشي يكتب: الشباب العربي بين البطالة والابتكار.. من الضياع إلى الريادة

مدار الساعة ـ

في كل صباح، يفتح ملايين الشباب العرب عيونهم على واقع معقد: بطالة متزايدة، فرص محدودة، وحلم يتأرجح بين الواقع والطموح. لكن بين هذا الواقع الصعب تكمن بذور الابتكار والريادة، التي يمكن أن تحوّل التحديات إلى فرص حقيقية لصناعة مستقبل مشرق. السؤال الجوهري: هل نحن نستثمر طاقات شبابنا، أم نتركهم يتيهون بين الضياع والإحباط؟

البطالة: تحدٍ مستمر

البيانات تشير إلى أن نسب البطالة بين الشباب العربي تتراوح بين 20% و35% في كثير من الدول، وهي نسبة مقلقة تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. البطالة ليست مجرد رقم، بل قصة حياة: شباب ينهض صباحًا حاملًا طموحاته، لكنه يجد الأبواب مغلقة أمامه، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.

هذا الواقع يولد إحباطًا، لكنه في الوقت نفسه يدفع البعض للبحث عن حلول بديلة، واختراع مسارات جديدة بعيدًا عن الطرق التقليدية. هنا يظهر دور الثقافة الريادية والابتكار في تحويل التحديات إلى فرص.

الابتكار… نافذة الأمل

رغم التحديات، هناك شباب عربي يخلق فرصه الخاصة، يستخدم التكنولوجيا، ويبتكر حلولًا لمشاكل محلية وعالمية. من تطوير تطبيقات ذكية، إلى مشاريع اجتماعية تواكب الاحتياجات اليومية للمجتمع، يظهر جيل جديد قادر على تحويل الضغوط إلى مشاريع ملموسة.

الابتكار ليس رفاهية، بل ضرورة للبقاء والاستمرار. الشباب العربي، حين يُمنح الأدوات الصحيحة، يمكنه أن يصبح قوة اقتصادية واجتماعية مؤثرة، وأن يحوّل المنطقة إلى مساحة للإبداع وريادة الأعمال.

دور الحكومات والمؤسسات

لا يمكن تحميل الشباب المسؤولية وحده. الحكومات والمجتمع المدني يجب أن يكونا شريكًا فاعلًا:

توفير بيئة محفزة لريادة الأعمال: قوانين مبسطة، دعم مالي، وحاضنات أعمال متطورة.

تعليم مهارات المستقبل: علوم البيانات، الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، وغيرها من المجالات الحيوية.

تعزيز ثقافة المخاطرة المدروسة: تشجيع التجارب والمشاريع الصغيرة التي يمكن أن تنمو لتصبح شركات كبيرة.

قصص نجاح ملهمة

من الإمارات إلى المغرب، ومن الأردن إلى تونس، نرى شبابًا صنعوا فرقًا حقيقيًا في مجتمعاتهم. مشاريع صغيرة بدأت بفكرة بسيطة، لكنها حولت حياة الكثيرين، وأصبحت نموذجًا يُحتذى به. هذه الأمثلة تؤكد أن الشباب العربي قادر على التغيير إذا ما تم توفير الدعم والتحفيز المناسبين.

التحديات النفسية والاجتماعية

البطالة والضغط الاجتماعي يولدان توترًا نفسيًا، ما يجعل الشباب أكثر عرضة للإحباط أو الانسياق وراء حلول سريعة غير مستدامة. هنا يظهر دور الإعلام والثقافة في توجيه الشباب نحو التفكير النقدي والخيارات الإبداعية، بدلًا من الاستسلام للظروف.

الطريق نحو الريادة

لتحويل البطالة إلى ريادة، يجب العمل على عدة مستويات متزامنة:

1. التعليم المتطور: ربط المناهج بالاحتياجات العملية لسوق العمل، وتطوير مهارات التفكير النقدي.

2. تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة: عبر برامج تمويل، تسهيلات، واستشارات تقنية وإدارية.

3. استثمار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي: لخلق فرص جديدة في مجالات حديثة لم يتم استغلالها بعد.

4. تعزيز روح المبادرة: تشجيع الشباب على تجربة الأفكار الجديدة حتى لو فشلت في البداية، فالفشل جزء من رحلة الابتكار.

خاتمة

الشباب العربي اليوم يقف بين الضياع والطموح، بين البطالة والابتكار. المستقبل لا يُصنع بالتمني، بل بالعمل، التخطيط، والقدرة على تحويل التحديات إلى فرص. الدول العربية، بقيادة شبابها، يمكن أن تحوّل الأزمات إلى مشاريع نجاح، وأن تكتب صفحة جديدة في تاريخ المنطقة، صفحة يملؤها الإبداع، الريادة، والتغيير الإيجابي.

الشباب ليسوا مجرد أرقام أو نسب إحصائية، بل هم المحرك الحقيقي للمجتمعات، وبإمكانهم أن يكونوا جسر المستقبل لأوطانهم إذا ما تم تمكينهم وتوجيههم بالصورة الصحيحة.

مدار الساعة ـ