أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين مجتمع مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الخشمان يكتب: ثقافة الوقاية مسؤولية وطنية


الأستاذ الدكتور عمر علي الخشمان

الخشمان يكتب: ثقافة الوقاية مسؤولية وطنية

مدار الساعة ـ

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي يشهدها العالم، تزداد الحاجة الملحّة إلى بناء وتأهيل القدرات الوطنية المتخصصة في إدارة الكوارث والأزمات، باعتبارها أولوية قصوى تفرضها التحديات البيئية المتزايدة، وفي الأردن، بات هذا التوجه ضرورة استراتيجية لحماية الأرواح والممتلكات، وضمان استدامة التنمية في مواجهة تنامي مخاطر الفيضانات والكوارث الطبيعية.

فمواجهة التغير المناخي لم تعد ممكنة من خلال إجراءات ظرفية أو حلول مؤقتة، بل تتطلب تخطيطًا شاملاً وإدارة فعّالة ترتكز على كفاءات وطنية مؤهلة في مجالات التنبؤ بالأحوال الجوية، وتحليل المناخ، والاستجابة للكوارث بأسلوب علمي ومؤسسي. وهنا تبرز أهمية الحوكمة الرشيدة، وتكامل الجهود بين مختلف الجهات لبناء قاعدة بيانات وطنية شاملة، تسهم في إعداد خطط طوارئ مدروسة ومناسبة لطبيعة المدن والقرى الأردنية.

يتطلب هذا النهج تعاونًا فعّالًا بين مؤسسات الدولة، بدءًا من الجهات الحكومية، مرورًا بالبلديات والمجالس المحلية، ووصولًا إلى مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، ضمن إطار شراكة حقيقية تضمن تكامل الأدوار وشمولية العمل. كما يستدعي الأمر سنّ تشريعات واضحة تدعم هذا التوجه، وتضمن تزويد المواطنين بمعلومات دقيقة وموثوقة، بما يعزز الوعي المجتمعي وينمّي ثقافة الوقاية كجزء من السلوك العام.

وتشكل الحماية الاجتماعية عنصرًا أساسيًا في الاستراتيجية الوطنية لتقليل المخاطر، من خلال توفير شبكات أمان قادرة على امتصاص الصدمات والتخفيف من آثار الكوارث، خاصة على الفئات الهشّة والضعيفة. كما لا بد من التركيز على البنية التحتية والتوسع العمراني، والتأكد من أن مشاريع الإسكان والطرق والجسور وغيرها من الأعمال الإنشائية تلتزم بمعايير الصمود والمقاومة أمام الكوارث الطبيعية.

ولا تكتمل الجاهزية دون الاستثمار في تدريب المهندسين والفنيين وبناء قدراتهم على تطبيق معايير السلامة والاستدامة، إلى جانب دعم الخدمات الاجتماعية الأساسية، وإجراء تقييمات دورية للمخاطر، وربطها بالخسائر السابقة، ما يُمكّن الجهات المختصة من اتخاذ قرارات استباقية تُقلّل من الأضرار وتوفّر حلولًا فعّالة.

إن إدارة الكوارث وتعزيز الجاهزية الوطنية لا يمكن أن تكون مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تتشارك فيها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والمواطنون. فكلما زادت جاهزية الدولة، وارتفعت كفاءة الكوادر العاملة في هذا المجال، تحسّنت القدرة على الاستجابة السريعة والفعّالة، مما يقلّل من الخسائر البشرية والمادية.

إن بناء ثقافة الوقاية وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية يُعدّ ركيزة أساسية في نجاح جهود التصدي للكوارث، وحماية الأرواح والممتلكات، وصون مكتسبات التنمية في مواجهة التحديات المناخية المقبلة.

مدار الساعة ـ