أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العبادي يكتب: بلاغ الملك الحسين بن علي الهاشمي لأمته


د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني

العبادي يكتب: بلاغ الملك الحسين بن علي الهاشمي لأمته

د.محمد يونس العبادي
د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني
مدار الساعة ـ

في 31 كانون الأول عام 1924م نشرت عدة صحف فلسطينية بعنوان بلاغ الملك حسين؛ وقد جاء في مقدمته أنّ جلالة الملك حسين الذي برّ بوعده لأمته حين طلبت إليه التنازل عن العرش بعد أن أسدى لها من النصح والمفاداة ما لا يمكن لأي شخص آخر أن يأتيه سيما في زماننا هذا، رأى وقد كلله الشيب تاجًا نورانيًا صمدانيًا أن يرسل لأمته بلاغًا يطلعها فيه على أوليات الأمور وأخرياتها فيخرج من هذه الدنيا ناصع الجبين أبيض الصحيفة التي كثيرًا ما أراد الأغيار تسويدها طمعًا بمأرب أو نكاية في الأمة العربية، فجاءنا ذلك البلاغ الذي خطّه بيمينه. وأنّا ننشره ليطّلع عليه الجمهور فيولونه الشكر على ما قدّم ويكونوا على بينة من أمرهم فيعملون لما فيه خيرهم وهذه صورته:

بسم الله الرحمن الرحيم

(قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [سورة سبأ، 34: 25]

أنا الحسين بن علي الناهض بمن معي من أبناء قومي العرب وسواد الناطقين بالضاد، ممن رأى رأيي في أمر هذه الأمة، الذي قضى به علينا الشعور الديني أولًا وأثبتته جمهورية أنقره بشهادة عكس أعمال جمعية الخلافة الهندية وأمثالها أمام كمالها وعصمتها، ثم الشعور القومي الذي لا مشاحة فيه أقول:

لما رأيت تضارب الأفكار العامة وتباينها، وذهاب الصحف في نشرياتها عن مصاب حجازنا الأخير لا سيما قضية اعتزالي الأمر- مذاهب شتى، رغبت في أن آتي بهذه النبذة الإيضاحية ليحيى من حي عن بينة ويظهر صبح الحقيقة لدى عينين. أجل لقد نهضنا معاشر العرب وعلم نتائج نهضتنا القاصي والدان حتى الصم والبكم. واعترفت الملوك أحلافنا العظام بحسن بلاء قومي ومواقفهم المشهورة المشكورة وما أتوه من جلائل الأعمال في ميادين الحرب بما أذاعت الصحف من برقياتهم السامية المحفوظة لدي، بيد أنّ حقوق الوفاء والجميل تلزماني بأن لا أقول إلّا أنّ سوء حظ العرب لدى أحلافهم، الذي جعلهم يركنون إلى شرف وشهامة الوعود والعهود التي قطعوها لهم، وخاضوا غمار الحرب اعتمادًا عليها واقتحموا أهوالها ثقة بها، في أوقات كانت العاقبة فيها مجهولة- أبان إخلاء الدردنيل وباريس وسقوط كوت الإمارة الذي أحرج مواقف حلفائهم دون أن تصلهم خرطوشة بندقية من هؤلاء الحلفاء الفخام وكيف لا نقول بسوء ذلك الحظ وما كادت تلك الملحمة الكبرى تلقي أوزارها حتى قلبوا للعرب الذين وثقوا بشرفهم ونبالتهم ظهر المجن، مع أنّ تصريحاتهم الرسمية التي أعلنتها صحفهم وتناقلتها برقيات العالم تفيد بأجلى بيان أنهم لم يقتحموا لجة تلك الحرب الزبون إلّا لغاية سامية ومقصد جليل ألا وهو تحرير الشعوب المضطهدة من نير المظالم والاعتسافات وإنقاذ الأمم الضعيفة من براثن القوة الغاشمة وأنياب العبودية والاسترقاق- تلبية لاستغاثة الإنسانية المعذبة وأنّ إهمال تطبيق شهامة ذلك الحس والشعور العالي على الحالة المشهودة في سوريا وكل ما يشكوه العراق تجعلنا في حيرة. ولو نحن عللنا العهود والوعود التي بيدي بما تعهدوا واعترفوا به للعرب، فبماذا عسى أن تعللوا وتؤولوا صراحة تلك الإعلامات والتصريحات التي أسمعت رجفات صوتها جمادات المعمورة!.

مدار الساعة ـ