أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الفرجات يكتب: الأردنيون سادة الصحراء والجبال.. أحفاد ميشع والحارث الرابع وصلاح الدين والحسين بن طلال

مدار الساعة,مناسبات أردنية,الحسين بن طلال,الملك المؤسس,الملك عبد الله الثاني
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كتب أ.د. محمد الفرجات -

الأردني… ذاك المحارب الأسطوري الذي أنجبته صحراء الشراه القاسية وشرب الكبرياء من جبالها الشامخة.

رجلٌ إذا تحدث صدق، وإذا وعد أوفى، وإذا غضب زلزل الأرض تحت أقدام خصومه. كريم كالغيث، طيب كالأرض، شديد البأس إذا استنفرته المروءة، وعنيد الإرادة أمام كل تحدٍ وصعب.

محارب صاغته قسوة الطبيعة ليكون عظيماً، فكان باني الحضارات ودرعها الحصين، وسيف الأمة المسلول، وحارس حدودها المقدسة. عبر العصور، رسم الأردني ملاحم البطولة في الكرامة والمعارك المصيرية، صامداً أمام الغزاة، صائداً المجد الذي يليق به، لا يعرف الهزيمة، ولا يقبل إلا طريقاً واحداً: النصر… أو النصر.

كل حجر في صحرائه يروي قصة صبره، وكل وادٍ في جباله يشهد على قوته، وكل نبضة في قلبه تُعلن للعالم أن الأردني لا يُقهر، وأن عزته لا تحدها حدود.

ليس الأردن مجرد مساحة جغرافية صغيرة في قلب الشرق الأوسط، بل هو كتاب تاريخ مفتوح، صفحاته تمتد إلى عشرات الآلاف من السنين، يروي للعالم حكاية شعب قوي أصيل وأرض مباركة كانت وما تزال ملتقى الحضارات، وبوابة الفتوحات، وجسرًا بين الشرق والغرب.

أرض الإنسان الأول

تشير المكتشفات الأثرية في عين غزال قرب عمّان إلى وجود حضارة استقرت هنا قبل أكثر من 10,000 عام، حيث عرف الإنسان الأردني الأول الزراعة وصناعة الفخار وتنظيم القرى، في واحدة من أقدم المجتمعات الزراعية في العالم.

أما في منطقة شمال الأردن، فقد عُثر على أقدم رغيف خبز في التاريخ، يعود إلى نحو 14,000 عام، ليثبت أن هذه الأرض كانت مهد الحضارات والعطاء والإستقرار منذ عصور ما قبل التاريخ.

ممالك العز والسيادة

لم يكن الأردنيون يومًا على هامش التاريخ، بل أسسوا ممالك شامخة وجبارة تركت بصمتها في وجدان الإنسانية:

مؤاب: حيث دوّن الملك ميشع إنجازاته على مسلته الشهيرة عام 840 قبل الميلاد، شاهدة على حضارة عريقة وقوة سياسية.

العمونيون: الذين شيّدوا عاصمتهم ربّة عمون (عمّان الحالية) لتكون مركزًا تجاريًا وسياسيًا في المنطقة.

الأنباط: الذين بلغوا ذروة الإبداع الهندسي والعمراني بين القرنين الرابع قبل الميلاد والأول الميلادي، فبنوا البتراء، المعجزة الوردية، وشبكات مائية متطورة لا تزال تلهم العلماء حتى اليوم.

بوابة الفتوحات الإسلامية

مع فجر الإسلام، كان الأردن بوابة الفتوحات إلى الشام والعراق ومصر، ومنها انطلقت جيوش الصحابة رضوان الله عليهم. وعلى أرضه دارت معارك خالدة مثل:

مؤتة (629م): حيث استشهد قادة الإسلام الثلاثة وزرعوا في الأرض بذور النصر.

اليرموك (636م): التي حسمت مصير الشام وأدخلتها إلى عصر جديد.

أجنادين وفحل: معارك رسخت مكانة الأردن كدرع للأمة وقلبها النابض.

جسر الحضارات والإنسانية

عبر العصور، كان الأردن ممرًّا للقوافل التجارية، وملتقى للشعوب والثقافات، وملاذًا للباحثين عن الأمان. هذه الطبيعة الجامعة صاغت شخصية الأردنيين على أسس النخوة والشهامة والانفتاح، فجمعوا بين الأصالة والحداثة، وبين الانتماء والانفتاح على العالم.

هوية راسخة ومستقبل واعد

الأردن اليوم ليس مجرد وطن، بل هو ملحمة تاريخية تجمع بين الأصالة والحداثة:

أرض عرفت الحضارة قبل 14,000 عام.

شعوب أسست ممالك وازنة قبل الميلاد.

أجيال خطّت بدمائها بوابة النصر للإسلام.

دولة حديثة بنيت على قيم العدل والنخوة والسيادة:

الأردن والهاشميون: قيادة راسخة وحكم رشيد، ففي امتداد طبيعي لتاريخ هذه الأرض العريقة، جاء حكم الهاشميين ليضيف فصلًا جديدًا من المجد والنهضة. فمنذ أن أسس الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين الدولة الأردنية عام 1921، وحتى عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين اليوم، قاد الهاشميون الأردن بثبات وحكمة في أصعب الظروف الإقليمية والدولية.

حافظوا على استقرار الدولة وسط محيط مضطرب.

حملوا رسالة القدس والمقدسات، وجعلوا من الأردن حاميًا للهوية العربية والإسلامية في أقدس بقاع الأرض.

استثمروا في الإنسان الأردني ليكون المحرك الحقيقي للتنمية والتحديث.

رسخوا قيم الاعتدال والانفتاح، وجعلوا من الأردن نموذجًا عالميًا في التوازن السياسي والنهج الوسطي.

لقد استطاع الهاشميون أن يجعلوا من الأردن دولة حديثة كبيرة بمكانتها وتأثيرها، تجمع بين الإرث التاريخي العريق والرؤية المستقبلية العميقة، لتبقى هذه الأرض الطيبة واحة أمان وركيزة استقرار في المنطقة.

هذه الهوية المتجذرة تمنح الأردنيين ثقة بالمستقبل، وإيمانًا بأنهم، كما كانوا دومًا، صناعًا للتاريخ لا عابريه.


مدار الساعة ـ