إن ما جرى في غزة ليس مجرد معركة عابرة، بل هو مرآة لحالة الضعف التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية. هذا الضعف لا يمكن أن يُختزل في بلد بعينه، ولا يمكن أن يُحمَّل طرف واحد وزر التراجع. الحقيقة أن الأمر يخص الجميع دون استثناء، ولا يمكن أن يتحرك ساكن أو تُبنى قوة حقيقية ما لم تتوافر إرادة جماعية عربية وإسلامية. فالرد على المشروع الصهيوني لا يكون إلا من خلال مشروع عربي–إسلامي متكامل، قائم على الإرادة المشتركة والتعاون بين الدول، إذ لا يمكن لدولة واحدة أو دولتين بمفردهما أن تواجها هذا المشروع بمفردهما.
لكن ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي من هجوم على مصر والأردن، وتحميلهما ما يفوق طاقتهما، ليس سوى ظلم ومغالطة. بل إن بعض الأصوات تتخذ من مهاجمة هذين البلدين وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، متناسية أن إضعاف مصر والأردن يخدم إسرائيل بشكل مباشر، لأنها تدرك أن هذين البلدين هما خط الدفاع الأول عن الأمة.التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي ضد مصر والأردن ليست جديدة في مضمونها، لكنها تكشف بوضوح عن وهم استراتيجي يتغذى على تفكك العرب وضعفهم. إسرائيل تدرك أن حدود توسعها الوهمية من الفرات إلى النيل تمر عبر هذين البلدين. ولذلك، فإن محاولة تشويه دورهما أو التقليل من تضحياتهما إنما تصب في مصلحة هذا الوهم.مصر والأردن لم يكتفيا بالشعارات، فقد قدما من دماء أبنائهما ومن ميزانياتهما في معارك ميدانية مع إسرائيل. تاريخهما في الدفاع عن الأمة العربية مكتوب بالدم والتضحيات، وليس بالبيانات والخطابات. اليوم، وهما يوجهان جهودهما نحو الحفاظ على الأمن والاستقرار، فإنهما يعملان ضمن الممكن والمتاح في ظل غياب الإرادة العربية والإسلامية الموحدة.العالم اليوم لا تحكمه العواطف ولا الإعلام، بل تسيّره المصالح والاقتصاد والواقعية السياسية. ومن هنا فإن مصر والأردن يسعيان إلى حماية شعوبهما وصون ما تبقى من توازن عربي في وجه مشروع صهيوني مدعوم من قوى كبرى.إن المطلوب اليوم ليس جلد الذات ولا تصفية الحسابات مع مصر والأردن، بل أن نلتف حولهما وننظر إليهما باعتبارهما حائط الصد الأول عن الأمة كلها. ومعهما سوريا ولبنان، يشكل المشرق العربي جدارًا استراتيجيًا ينبغي أن تدرك الأمة أنه خط الدفاع الحقيقي عن مستقبلها.مشروع الأمن القومي العربي الإسلامي لا يمكن أن يبنى على الشتائم ولا على المزايدات الشعبوية. إنه مشروع يحتاج إلى وعي جماعي، وإرادة صادقة، وتحالف يقوم على المصالح المشتركة والوعي بالمخاطر الكبرى التي تحيط بالمنطقة. وكل ضعف في هذا المشروع ينعكس فورًا على فلسطين وغزة والقدس، لأن الصراع مع إسرائيل ليس صراع حدود، بل صراع وجود.... اعطيني عناوين اخرى اكثر رصانة
الخوالدة يكتب: المشروع بالمشروع.. استعادة المناورة العربية الإسلامية في الأمن القومي
د. زيد احسان الخوالدة
الخوالدة يكتب: المشروع بالمشروع.. استعادة المناورة العربية الإسلامية في الأمن القومي
مدار الساعة ـ