تكررت في الأيام الماضية التساؤلات حول قدرة الشبكة الكهربائية على مواجهة الأحمال أثناء موجة الحر، ولهذا وجب التوضيح بأسلوب مبسط.
رحلة الكهرباء لا تبدأ من لحظة تشغيلها في منزلك، ولا حتى من إصلاح الأعطال، بل تمتد لسنوات من التخطيط والدراسة. تبدأ بدراسات شاملة للتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية، وتحليل السيناريوهات المحتملة، وتقييم قدرة الشبكة على مواجهة أصعب الظروف لضمان استمرارية التزويد. يلي ذلك مرحلة التصميم والتنفيذ وفق معايير هندسية عالمية، ثم تشغيل الشبكة بكفاءة عالية مع متابعة أدائها على مدار الساعة، إلى جانب الصيانة الدورية لضمان جاهزية كل مكون بشكل مستمر.ولهذا، علينا معرفة أن الأعطال جزء طبيعي من أي شبكة كهربائية في العالم، مثل احتراق محول أو تعطل قاطع كهربائي. هذا لا يعكس ضعفاً في البنية التحتية، بل هو واقع فني محتمل. وما يميز الشبكات القوية هو سرعة الاستجابة وكفاءة فرق الصيانة ضمن استراتيجيات إدارة الأعطال، لضمان عودة الخدمة بأسرع وقت ممكن وتقليل أي تأثير على المشتركين.تشهد المملكة حالياً موجة حر شديدة نتيجة كتلة هوائية ساخنة فوق المنطقة لعدة أيام، هذا الارتفاع الكبير في الحرارة ينعكس مباشرة على الشبكة الكهربائية، حيث يزداد استهلاك الطاقة للتبريد بشكل ملحوظ، خصوصاً في ساعات الذروة، وهي الفترة التي تسجل فيها الأحمال أعلى مستوياتها سنوياً، مما يشكل تحدياً حقيقياً لاستقرار النظام الكهربائي.وهنا يأتي دور إدارة الأحمال يدوياً لتقليل الضغط على الشبكة خلال الفترات الحرجة من خلال ترشيد الاستهلاك المنزلي والصناعي، وتأجيل تشغيل الأجهزة غير الحرجة مثل الغسالات والأفران الكهربائية. الترشيد في هذه الحالة لا يعني نقص الكهرباء، بل يضمن استمرارية التزويد لجميع المشتركين بما يشمل المستشفيات والخدمات الحيوية، ويحقق أفضل استخدام للموارد الكهربائية المتاحة خلال موجات الحرارة القصوى.قد يتساءل⁉البعض: لماذا نسمع في الأردن دعوات متكررة لترشيد الاستهلاك خلال موجة الحر هذا الأسبوع، أكثر مما نسمعها في دول الخليج؟السبب أن دول الخليج تشهد صيفاً طويلاً وحاراً جداً، ما يجعل استهلاك أجهزة التبريد مرتفعاً ومستقراً نسبياً لفترات طويلة، وبالتالي تبقى الأحمال شبه ثابتة.أما في الأردن، فدرجات الحرارة المعتدلة معظم أيام السنة تجعل الطلب على التبريد منخفضاً، لكن عند قدوم موجة حر شديدة لفترة محدودة، ترتفع الأحمال بشكل مفاجئ وكبير كما حدث في الأمس بتجاوز 4700 ميجاواط، مما يشكل ضغطاً غير متدرج على الشبكة الكهربائية.في الخاتمة، الشبكة الكهربائية هي نتاج تخطيط دقيق وجهود مستمرة، تهدف إلى ضمان استمرارية الخدمة لكل بيت ومرفق حيوي في المملكة. استقرار الشبكة يعتمد على تكامل العمل الفني الاحترافي مع وعي وتعاون المواطنين. فمع كل مصباح يضيء وكل مروحة تدور، نعيش ثمار هذا التخطيط الدقيق، الذي يجعل وطننا مضيئاً آمناً مستقراَ.حمى الله الأردن أرضاً وشعباً وقيادةً.
العجارمة تكتب: سين جيم حول قدرة الشبكة الكهربائية على مواجهة الأحمال أثناء موجة الحر
م. سعاد المطر العجارمة
رئيس لجنة المهندسين العاملين في قطاع الكهرباء – شعبة الهندسة الكهربائية في نقابة المهندسين الأردنيين
العجارمة تكتب: سين جيم حول قدرة الشبكة الكهربائية على مواجهة الأحمال أثناء موجة الحر

م. سعاد المطر العجارمة
رئيس لجنة المهندسين العاملين في قطاع الكهرباء – شعبة الهندسة الكهربائية في نقابة المهندسين الأردنيين
رئيس لجنة المهندسين العاملين في قطاع الكهرباء – شعبة الهندسة الكهربائية في نقابة المهندسين الأردنيين
مدار الساعة ـ