الأوهام لا تبني دولاً ... قناعة تنطلق من فهم عميق لمعنى الدولة الحقيقية:فالدولة التي تقوم على الشرعية، المؤسسات، القانون، والاعتراف الدولي، غير الكيان الذي يبنى على الأوهام الأيديولوجية، و خطاب القوة والغلبة المؤقتة.
من جديد، يحاول رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعث أوهام الماضي تحت مسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، متجاهلًا كل الوقائع السياسية، والحقائق التاريخية، ومبادئ القانون الدولي ، وهو يعلم ان رؤية "إسرائيل الكبرى" لا تبني أمنًا، ولا تُحقق استقرارًا، ولا تُقنع العالم بشرعية احتلال مستمر. لقد سقطت مثل هذه المشاريع عبر التاريخ، لأن الشعوب لا تموت، والحقوق لا تسقط بالتقادم. والواقع، كما دائمًا، يبقى أقوى من الوهم، مهما علا صوته في التصريحات أو توهّمت شرعيته عبر القوة . ان كانت "إسرائيل الكبرى" فكرة أيديولوجية تبناها اليمين الصهيوني منذ تأسيس الحركة الصهيونية، تقوم على توسيع حدود إسرائيل لتشمل الضفة الغربية، وقطاع غزة، وأحيانًا أجزاء من دول مجاورة فإن على نتنياهو، المحاصر سياسيًا داخليًا والخاضع لضغوط أمنية خارجية، يعيد استخدام الخطاب التوسعي لتثبيت موقعه بين التيارات اليمينية والمتطرفة في إسرائيل. "إسرائيل الكبرى" ليست كخطة سياسية بقدر ما هي شعار أيديولوجي، يُستخدم كلما اشتدت الأزمات، للهروب من الاستحقاقات الحقيقية: إنهاء الاحتلال، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين، والجلوس على طاولة المفاوضات ، وعليه ان ينظر قبل ان يطلق هذه التصريحات ان الدعم الدولي لإسرائيل يتآكل بسبب عدوانها على غزة، والضغط المتزايد من حلفائها بسبب الانتهاكات الإنسانية.إسرائيل اليوم تواجه تآكلاً حقيقياً في شرعيتها الأخلاقية والدبلوماسية أمام المجتمع الدولي ، على خلفية الحرب في غزة، وتصاعد الانتهاكات ضد المدنيين، وغياب الأفق السياسي لحل الصراع ، فهي اليوم تلمس تبدل المزاج الشعبي في الغرب فهاهي تطالع تزايدت الاحتجاجات الشعبية في مدن أوروبية وأمريكية ضد سياسات إسرائيل في غزة ، وقد ظهرت أجيال شبابية جديدة، وخاصة في الجامعات، بدأت ترفض الرواية الإسرائيلية التقليدية ، الى جانب نمو حملات المقاطعة (BDS) والدعوات لمحاسبة إسرائيل أمام المحاكم الدولية ، وبدت المواقف الدبلوماسية أكثر انتقادًا في إسبانيا، أيرلندا، النرويج ،فرنسا وألمانيا ، و ثمة دول تطالب الآن بإجراء تحقيقات مستقلة في جرائم الحرب.نعم العالم، بما فيه حلفاء إسرائيل، لا يعترفون بأي سيادة إسرائيلية خارج حدود 1967. وطرح فكرة "إسرائيل الكبرى" هو تجاوز صارخ لمبادئ القانون الدولي وتهديد للأمن الإقليمي، ما يستوجب ردًا عربيًا ودوليًا واضحًا، لا يكتفي بالإدانة، بل بالتحرك السياسي والحقوقي الفعّال، بما في ذلك دعم المسار القضائي في المحاكم الدولية ،و دعم المطالب الفلسطينية في المحافل الدولية، ورفض أي محاولة لتكريس الاحتلال تحت غطاء "رؤية تاريخية". كل المشاريع التي بُنيت على التوسع القسري، الإنكار، وتزوير الجغرافيا والتاريخ، سرعان ما انهارت أمام واقع الشعوب وإرادتهم ، ومن يؤمن بـ"إسرائيل الكبرى" أو أي فكرة شبيهة، يعيش في وهم يتجاهل حقائق الجغرافيا، والمقاومة، ورفض العالم لتكريس الاحتلال ،فالواقعية السياسية لا تقبل الغطرسة، ولا الوهم، ولا القفز عن الحقوق.
المساد يكتب: الواقع أقوى من الوهم.. رؤية 'إسرائيل الكبرى' في تصريحات نتنياهو
مدار الساعة ـ