في زمنٍ تمطر فيه الأخبار على رؤوسنا لا يكون هناك وقت لالتقاط الأنفاس، زلزال هنا، حرب هناك، خسارة مفاجئة، انهيار علاقة، أو حتى صباح عادي يُبدأ بخبر سيء فلم تعد الحياة تُمهل أحدًا ، ومَن تضربه يسقط أرضًا لكنه يقوم ذلك هو السرّ الذي يجعل البعض يواصل رغم الجراح ، انها الصلابة النفسية التي يمكن اعتبارها درعًا ضد الألم، ومرونة ذكية تجعل الإنسان ينثني دون أن ينكسر، وهي القدرة على احتواء الصدمة، وإعادة بناء الذات، في كل مرة نظن فيها أن الأمر انتهى.
وفقًا لنموذج "كوباسا"، تتكوّن الصلابة من ثلاث ركائز: الالتزام بالمسؤوليات، التحكم فيما يمكن السيطرة عليه، والتحدي الذي يرى الأزمات كمحفز للنمو لا كتهديد.
لكن الصلابة لا تعني إنكار المشاعر أو ادعاء القوة بل تعني أن تعترف بكسرك، وتقرّ بألمك دون أن تستسلم أو ترضى به !
تنبت بذور الصلابة غالبًا في الطفولة، حين يُسمح للطفل بالخوف، بالمحاولة، بالسقوط والنهوض. لكنّها تُبنى أيضًا عند النضوج من التجارب القاسية التي يمر بها الفرد ، ومن كل لحظة قررنا بعدها ألا ننكسر مجددًا.
نساء خرجن من علاقات سامة، مرضى حوّلوا الألم إلى رسالة، شباب ضاعت أحلامهم لكنهم صمدوا وأثبتوا أن الصلابة تُصنع ولا تُولد .
فالشخص الصلب لا يُكذّب مشاعره، لكنه لا يتركها تبتلعه فيطلب الدعم دون خجل، يتعلم من ألمه، يواجه قدر استطاعته دون أن يستسلم .
صحيح أننا لا نرث الصلابة تلقائيًا ولكن علينا مسؤوليّة تربيّة أطفالنا عليها ، نمتدح صمودهم في مواجهة الخوف نساعدهم بذكاء على حلّ مشاكلهم بدلًا من حلّها عنهم نحاول أن نكون قدوة لهم في الصبر والثبات، لأن الأطفال لا يسمعون بل يقلّدون.
أما نحن الكبار، فنبني صلابتنا بالصدق مع الذات، بإعادة كتابة قصتنا، بابتداع طقوس صغيرة تمنحنا السيطرة، والأهم من ذلك إحسان اختيار من يحيطون بنا!
علينا رفع شعار أن الفشل ليس نهاية، بل بداية فهم أعمق للنفس.
في الختام…
الصلابة النفسية لا تعني أنك بخير دائمًا، بل أنك تملك شيئًا في داخلك ينهض في كل مرة تسقط فيها.
قد لا نوقف العواصف، لكننا نعمل عل جعل أشرعتنا تصمد.

نصير تكتب: قوة الروح في زمن الانهيار
مدار الساعة ـ