في زحمة التحليلات الإقليمية التي انشغلت مؤخراً بجبهات الجنوب، تُهمَل أحيانًا مؤشرات دقيقة تصدر من الشمال، وتحديدًا من الملف التركي – السوري، رغم خطورته الكامنة.
خلال الساعات القليلة الماضية، احتمال ظهرت إشارات ميدانية غامضة قد لا تبدو للوهلة الأولى ذات صدى، لكنها تحمل وزنًا نوعيًا في ميزان التحركات، ووفق نمط التصعيد التركي السابق، حين تتجه الاستعدادات إلى نقاط تماس غير مصرح بها، فإن النتيجة غالبًا لا تكون استعراضًا، بل حركة فعلية على الأرض.
وربما، وبلغة التحليل البارد، نكون الليلة أمام لحظة مفصلية في هذا الملف، تتبدى ملامحها في إعادة تموضع القوات التركية شمال سوريا، أو تحرّك خاطف غير تقليدي تجاه مناطق مثل تل رفعت أو أطراف الحسكة، وقد يُنفّذ بصمت نسبي قبل أن تُكشَف تفاصيله لاحقًا.
اللافت أن هذا التحرك – إن تم – لن يكون منعزلاً عن السياق الأوسع في المنطقة، بل قد يرتبط مباشرة بإعادة توزيع الضغط على محاور الصراع، في لحظة مشحونة سياسيًا وعسكريًا.
وأتوقع شخصيًا، بناءًا على تسلسل الأحداث ودقة التحركات الأخيرة، أن تبدأ أولى الإشارات العلنية أو التصريحات الرسمية قبل منتصف الليل أو مع فجر الغد.
ومن هنا، فإن تجاهل الملف التركي اليوم قد يعني أن نُفاجَأ بالغد.
