أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الضرابعه تكتب: نجوت.. لأن وطني لم يتخل عني

مدار الساعة,مناسبات أردنية,مديرية الأمن العام,الأمن العام
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - بقلم: زين حسين الضرابعه - الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: خِيَانَةُ الضَّوْءِ

لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَعْلَمُ أَنَّنِي سَأَسْقُطُ وَلَا حَتَّى أَنَا كُنْتُ الْفَتَاةَ الَّتِي يُشَارُ إِلَيْهَا بِالْبَنَانِ، لَا لِأَنَّنِي كُنْتُ مِثَالِيَّةً، بَلْ لِأَنَّنِي كُنْتُ أَقَاوِمُ كُلُّ شَيْءٍ بِصَمْتِ. أَبْتَسِمُ حِينُ يَتَأَلَّمُ قَلْبِي، أُجِيبُ حِينَ تَصْمُتُ رُوحِي، وَأَقِفُ حِينُ تَتَمَنَّى قَدَمَايَ أَنَّ تَنْهَارًا . لَمْ أَكُنْ بَطَلَةٌ .. كُنْتَ فَقَطْ خَائِفَةً.
اسْمِي سمو.
وَهَذِهِ قِصَّتِي.
أَكْتُبُهَا الْآنَ. . . وَأَنَا عَلَى سَرِيرِ فِي قِسْمِ عِلاج الْإِدْمَانِ.
وَإِنْ كُنْتَ تَقْرَأُ، فَاعْلَمْ أَنَّنِي نَجَوْتُ.
لَكِنِّي لَمْ أَعُدْ كَمَا كُنْتُ.
كُلُّ شَيْءٍ بَدَأَ حِينَ دَخَلَتْ " سَرَاب " إِلَى حَيَاتِي، لَا كَغَرِيبَةٍ، بَلْ كَظِلَّ تَوَهَّمَتْ فِيهِ الطَّمَأْنِينَةُ.
كَانَتْ تَعْرِفُ كَيْفَ تَتَسَلَّلُ إِلَى الْأَرْوَاحِ الضَّعِيفَةِ، كَيْفَ تَهْمِسُ بِكَلِمَاتٍ تُشْبِهُ الْعَزَاءَ، لَكِنَّهَا تَسَمُّمُ.
قَالَتْ لِي ذَاتُ مَسَاءً، وَوَجْهُهَا مُغَطَّى بِابْتِسَامَةٍ لَا تُشْبِهُ الرَّحْمَةِ:
سُمُو، أَتَدْرِينَ مَا مُشْكِلَتُكَ؟ إِنَّكَ تُحَاوِلِينَ أَنْ تَكُونِيَ مِثَالِيَّةً لِعَالَمٍ لَا يَسْتَحِقُكَ" .
صَمْتُّ. فَأَنَا بِالْفِعْلِ كُنْتُ أَخْتَنِقُ مِنْ تِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي رَسَمَهَا الْجَمِيعُ لِي، صُورَةُ الْفَتَاةِ النَّمُوذَجُ، الْمُتَّزِنَةُ، الْمُسْتَقِيمَةَ.
قَالَتْ وَهِيَ تَمُدُّ يَدَهَا: "خُذِيهَا، فَقَطْ وَاحِدَةً ... وَسَتَشْعُرِينَ أَنَّكَ تَطِيرِينَ فَوْقَ الْأَلَمِ".
نَظَرْتُ إِلَيْهَا، ثُمَّ إِلَى الْحَبَّةِ الصَّغِيرَةِ فِي كَفَهَا ....
لَمْ تَكُنْ مُخِيفَةً، كَانَتْ تُشْبِهُ الْأَمَلِ.
وَلَكِنْ، يَا لِغَرَابَة مَا يُشبِهُ الْأَمَلَ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ خِنْجَرٍ.
أَخَذْتُهَا.
وَلَمْ أَدْرِ أَنَّنِي فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، سَلَّمْتُ نَفْسِي لِذِنْبِ لَنْ يَرْحَم.
سَقَطَتْ.
لَكِنِّي كُنْتُ أَبْتَسِمُ.
ضَحِكَتُ كَثِيرًا، ثُمَّ بَكَيْتُ أَكْثَرَ.
وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانية، طَلَبَنِي جَسَدِي كَمَا لَوْ كَانَ يَطْلُبُ الْهَوَاءَ.
وَرَفَضَتُ ... ثُمَّ رَضَخَتْ شَيْئًا فَشَيْئًا أَصْبَحْتُ أَطْلُبُ الْمَزِيدَ، لَيْسَ لِلْمُتْعَةِ، بَلْ لِأَنِّي كُنْتُ أَتَأَلَّمُ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ لَمْ تَعُدُ الْحَبَّةُ وَسِيلَةَ لِلْهُرُوبِ، بَلْ أَصْبَحْتَ سِجْنَي كُنْتُ أَسْرِقُ النُّقُودُ مِنْ حَقِيبَةِ أُمِّي مِنْ جَيْبِ أبي، مِنْ مَصْرُوفِي، فَقَط لأَشْتَرِي الْوَهْمَ ...وَسَرَاب؟ كَانَتْ تَطْلُبُ الْمَزِيدَ، وَلَمْ تَعْدُ تِلْكَ الْأُخْتَ الَّتِي أعْرِفُهَا كُنْتُ أَتَوَسَّلُ إِلَيْهَا، أَرْجُوهَا ، أَبْكِي عَلَى قَدَمَيْهَا لِتَمْنَحْنِي " الرَّاحَةُ .... الوهم ... لَكِنَّهَا كَانَتْ قَاسِيَةً، بَارِدَةً، وَكَأَنَّهَا شَخْصٌ آخَرُ."
كُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ أُمُوتُ، لَكِنْ لَا أَحَد يَرَانِي.
سوَى رَبِّي.
وكُنتُ قد ابتعدتُ عَنْهُ كَثِيرًا ... لَا بَلْ قَدْ سَوَّلَت لِي نَفْسِيَ الْهُرُوب!
حَتَّى جَاءَ ذَلِكَ الصَّبَاحُ.
وَكُنْتُ مُلْقَاةً عَلَى أَرْضِ الْحَمَّامِ فِي الْمَدْرَسَةِ، بَيْنَمَا صَوَّتُ الْإِسْعَافِ يَقْتَرِبُ.
رأيتُ وجوهًا تغرقُ في دموعٍ لا تُشبهُ الحزنَ العادي، وأخرى تصرخُ كأنها تودُّ انتزاعَ الألمِ من صدري، وكنتُ في المنتصف… أُحاولُ أن ألمح ملامحهم، لكن الغباشَ كانَ يلتهمُ بصري كما التهمَ الضعفُ قلبي... كنتُ حاضرةً، لكنني لا أشبهني..... "أَمَّا سَرَابُ " فَقَدْ هَرَبَتْ رَكَضَتْ كَأَنَّهَا تَنْجُو مِنْ جَرِيمَةٍ صَنَعَتْهَا بِيَدَيْهَا. لَكِنَّهَا لَمْ تَنْجُ. . . سُجِلَّ كُلَّ شَيْءٍ وَتَمَّ تَسْلِيمُهَا لِلْعَدَالَةِ لِيَكُونَ مَصِيرُهَا بَيْنَ يَدِي مِنْ لَا يَرْحَمُونَ الْعَبَثُ بِبَرَاءَةِ الْآخَرِينَ. ...
كُلُّهُمْ كَانُوا هُنَاكَ، لَكِنْ لَا أَحَدٍ أَمْسَكَ بِيَدِي.
إِلَّا الْوَطَنَ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: عَلَى حَافَةِ الْفَقْدِ
حِينٍ فَتَحَتْ عَيْنَايَ فِي غُرْفَةِ الطَّوَارِئِ، لَمْ أَكُنْ أَرَى بوضوح
كانت الْأَضوَاءُ بَيْضَاءً حَدَ الْقَسْوَةِ، وَالرَّوَائِحِ تَلدَعْ أَنْفِي بِمَزِيجٍ مِنَ الْمَطْهَرَاتِ وَالْمَوْتِ الْمُؤَجَّلِ.
أصواتُ الْأَجْهزَةِ تَطِنَ، وَالْمُمَرِّضَاتُ يَرْكُضْن، أَحَدَهُمْ يَضَع شَيْئًا فِي وَرِيدِي، وَآخِرِ يَقِيسُ نَبْضي الْمُرْتَجِفُ، وَوَجْهِي لم يكن وَجه سُمْوَ الَّذِي كَانَ يَوْمًا مَا مِرْآةَ الْعِزَّة ... صَارَ اليوم مِرْآةً لِعارٍ لا يُشبهني.
كَنْتُ أَرْتَجِفُ لَا مِنَ الْبَرْدِ بَلْ مِنَ الْحَقِيقَة.
لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ الموت، لَكِنَّنِي كَنتُ قَدْ بَدَأَتُ بِالْفِعْلِ.
لِمَحَتَهُ، ضابطا بِزِيَه الرَّسْمِي، وَاقِفا عِنْدَ بَابِ الْغُرْفَةِ، يَرْمُقْنِي بِنَظَرَةٍ لَا تَحَمَلُ احْتِقَارًا كَمَا تَوَقَّعَتْ، بَلْ شَفَقَةٌ مَمْزُوجَة بِالْحَزْمِ.
هَمَسَ لِوَالِدِيُّ الَّذِي كَانَ قَدْ وَصَلَ يَلْهَثْ:
اطْمَئِنُ، نَجَتْ ... لَكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَبْدَأَ بِالْعِلَاجِ فَوْرًا فالْوَطَنُ لَا يَتْرُكَ أَبْنَاءَهُ"
الْوَطَنُ لَا يَتْرُكَ أَبْنَاءهُ، هَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي اسْتَحْكَمَتْ على عَقْلِي وَقَلْبِي.
الْوَطَنُ....
تِلْكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي كَنَّتُ أَسْمَعُهَا كَثِيرًا فِي الْإِذَاعَة، وَفِي طَابُورِ الصَّبَاحِ، لَمْ أَفَهِمُهَا كَمَا فَهِمْتُهَا لِحَظْتَهَا. الْوَطَنِ لَم يَتْرُكْنِي..
بَلْ أَنَا الَّتِي تَخَلَّيْتُ عَنْ نَفْسِي .... حِينَ نُقِلَتْ إِلَى جَنَاحٌ مُدْمِنِي الْمُخَدِرَات دَاخِلَ الْمُسْتَشْفَى ظَنَنْتَهُ سِجْنا بِلَوْن أَبْيَض، لَكِنَّ شَيْئًا مَا تَغَيَّرَ دَاخِلِي مَعَ مُرُورِ الْأَيَّامِ.
لَمْ يَكُنِ الْمَكَانُ قَاتِما كَمَا تَخَيَّلَتُ، بَلْ كَانَ أَشِبْهُ بِمَحْضَنِ لِلَّذِينَ سَقَطُوا دُونَ أَنَّ يَنْتَبِهِ أَحَد.
رأيت وجوها كَثِيرَةً تَشَبُّه وجهي، وَعَيونَا بَاهِتَةً تَبْحَثُ عَنْ نُورٍ.
وَعَرَفْتُ حِينَهَا أَنَّنِي لَسْتُ وَحْدِي .... فَالْوَطَنُ لَا يَتْرُكَ أَبْنَاءهُ
وَأَنَّ النَّجَاةَ مُمَكِنَةٌ.
كنت أسْتَيْقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ وَأَهْمِسُ
يَا رَبِّ، لَا أَطْلُبُ أَنَّ تُعِيدُنِي كَمَا كُنتُ .... فَقَطْ إِجْعَلَنِي حَيَّةَ بِمَا يَكْفِي لِأَصْبَحَ أَفْضَل"
الْفَصْلِ الثَّالِث: حِينَ الْعَكَسِ وَجْهِي فِي دُموعهمْ
مَا كُنتُ أَدْرَكَ وَأَنَا أَتَهَاوَى فِي الظُّلامِ، أَنَّ قَلبي لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ مَنْ يَنْكَسِر.
حِينَ فُتِحَ الْبَابُ، وَرَأَيْتُ أمّي تَرْكُضُ إِلي وَهِي تَرْتَجِفُ، نَظَرْتُ فِي وَجْههَا فَرَأَيْتُ عُمَرِي كُلَّهُ... يَسْقُطُ أمامي.
كانتْ تَبْكِي، لَا كَبُكَاء عَادِي، بَلْ كَأَمَ فَقَدَتْ ابْنَتِهَا حَيَّةً.
وَكَانَ وَالِدِي وَاقِفًا خَلْفَهَا ، لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَط يُطَالِعَنِي كَأَنِّي غَرِيبَةً، كَأَنَّهُ يَبْحَثُ فِي مَلَامِحِي عَنْ تِلْكَ الطَّفْلَةُ الَّتِي كانتْ تُهْدِيهِ بِطَاقَاتٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: "أَبِي بَطَلِي"
أَخَفَضْتُ بِصُرِّي
كُنتُ أَرْتَجِفُ مِنَ الْخَجَلِ مِنَ النَّدَمِ مِنْ صَوْتِ نَبْضِي الَّذِي صَارَ يصرح دَاخِلِي:
كَيْفَ وَصَلَتْ إِلَى هُنَا ؟ مَنْ سَمْح لِيَدُكَ أَنَّ تَمْتَدَّ نَحو الْهَلَاكِ؟"
لكِنْ مَا كَسَرنِي أَكْثَرَ .....
هُوَ مَا رَأْيَتِه فِي أَعَيْنِ الْأَطْبَاءِ وَالْمُمَرَضِينَ.
لَمْ يَكُن هُنَاكَ احْتِقَارٍ، وَلَا نَظَرَة فُوقِيَّة، بَلْ كَانَ فِي أَعَيْنَهُمْ حُزْنٌ غَرِيبٌ، كَأَنَّهُمْ إِعْتَادُوا رُؤْيَةً مِثْلَ حالتي... وَكَأَنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَ أَنَّ أَخَبَرَهُمْ أَنَّنِي أُرِيدُ النَّجَاةَ...أُريد أن تعودَ سُمو
وَآنَذَاكَ فَقَطْ شَعَرَتْ ....
شعرت أنَّنِي فِعْلَا سَقَطَتْ فِي مَكَانٍ لَا يُفْتَرَضُ بِي أَنَّ أَكَوْنَ فِيهِ.
هَذَا الْمُسْتَشْفَى هَذِهِ الْأَجْهِزَةُ، هَذَا الْجَنَاحُ الْمُخَصَّصَ لِمَنْ هَربُوا مِنْ أَنفُسِهِمْ....
هَذَا مَكَانِي الْآنَ؟!
أنَا؟! سُمُو ؟!
أنا سمو... التي كانت تحلمُ أن تُحلّقَ يومًا في السماء، ككابتن طيار يجوبُ المدائنَ فخرًا... كيف انتهى بي المطافُ حبيسةَ جناحًا يُداوي السقوط؟ أيُّ رياحٍ تلك التي نزعت جناحي؟
كَيْفَ إِنْتَهَى بِي الطَّرِيقُ هُنَا ؟!......
دَمْعَةٌ سَالَتْ مَنِّي، لَمْ تَكُن دَمْعَةُ حُزْنٍ، بَلْ كانت أَوَّلُ نُقْطَةِ ضَوْءٍ تَعُودُ إِلَى قَلْبِي.
هُنَاكَ، عَلَى سَرِيرِ بَارِدٍ، وَتَحْتَ سَقْفِ صَامِتٍ، فَهِمْتُ....
فَهَمْتُ أَنَّنِي لَسْتُ ضَحِيَّةً فَقَطْ ل "سَرَابٍ ، بَلْ ضَحِيَّةَ صَمْتِي، وَاسْتِسْلَامِي، وَبُعدِي عَنِ اللَّهِ، وَعَنْ حِضْنِ وَالِدِي، وَعَنْ ذَاتِي الْحَقِيقِيَّة.
وَهَمَسْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي، وَالدَّموعُ تُحْرِقُ وَجْهِيَ:
" اللهم قُل لسُمو أن تكون فتكونُ
سُمُوًّا"
الفصل الرابع: يَدِيَ تَرْتَجِفُ .... لَكِنَّهَا تَتَمَسكُ بِالْحَيَاةِ
كَانَ الْعِلَاجُ النَّفْسِيُّ مِرْآةً بِلَا زَيْفٌ
كُلُّ جَلْسَةٍ، كُنتُ أَجَلَسُ فِيهَا أَمَامَ مُرْشِدَةٍ تُشْبِهُ النُّورَ، تَقُولُ لِي:
لا تُخْجِلِي مِنَ السُّقُوطِ، فَقَطْ تَعَلُّمِي كَيْفَ تَقَوُّمَيْنِ بِثُبَّاتٍ"
وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ، كُنتُ أَتَكَسُّرُ، ثُمَّ أَلَمْلِمُ شَظايَايَ، وَأَعُودُ.
بَدَأَتُ أَكَتَبُ ... لَا هُرُوبا مِنَ الْآلَمِ، بَلْ حِوَارًا مَعَ ذَاتِي الَّتِي فَقُدْتُهَا.
كُلَّ سَطْرٍ كُنتُ أَكَتَبُهُ، كَانَ تَوْبَةً، وَكَانَ حَيَاةٌ.
وَفِي جَلْسَةٍ تُغْزَلْ فِيهَا خُيُوطُ النَّجَاةِ مِنْ جَدِيدٍ مَرَّتْ مُعَلِمَةٌ عَلَى نَصِي، فَبَكَتْ.
قَالَتْ: كَلِمَاتُكِ تصرخ بالنَّدَم ... وَتُزْهِرُ بِالأمل. لَا تَتْرُكِي القَلَمَ، سُمُو ، دَعِيهُ يَسْحَبُكِ نَحْوَ الْحَيَاةِ.
الْفَصْلِ الْخَامِس : وَطَنِي يَسْمَعْنِي
وَبَيْنَمَا كُنتُ أَتَعَلَّمُ كَيْفَ أَحُبُّ نَفْسِي مِنْ جَدِيدٍ، سَمِعْتُ عَنْ مُسَابَقَةٍ أَطْلَقَتْهَا مُدِيرِيَّةُ الْأَمْنِ الْعَامِ، بِعُنْوَانِ: " وَعَيُكَ أَمَانُكَ". تَسْتَهْدِفُ الشَّبَابَ الَّذِينَ مرُّوا بِتَجَارِبِ مَعَ الْمُخَدِرَاتِ، لِتَحْوِيلِ الْأَلَمَ إِلَى رِسَالَةٍ.
تَرَدَّدتُ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى أَصَابِعِي....
هَذِهِ الْيَدُ الَّتِي امْتَدَّتْ يَوْمًا نَحْوَ الْهَاوِيَةِ، قَدْ آن لَهَا أَنَّ تَكْتُبَ شَيْئًا يُنْقِذُ غَيْرِهَا.
أَرْسَلَتْ مُشَارَكَتي... وَلَمْ أَكُنْ أَرْجُو فَوْزا ، فَقَطْ أَرَدْتُ أَن أَوَصَلَ صَوْتِي.
وَبَعْدَ أَيَّامٍ ... جَاء إِتصَالٌ.
سمو؟ تهانينا، فُزَّتِ بِالْمَرْكَزِ الْأَوَّلِ. كَلِمَاتُكِ وَصَلَت".
بَكَيْتُ. لَمْ أَبْكِ لِأَنِّي فُزْتُ، بَلْ لِأَنَّ الْوَطَنَ سَمِعَنِي... آمِن بِيَ.
أَعْطَانِي مِنْبَرًا بَدَلَ أَنْ يُغْلِقَ الْأَبْوَابِ.
الْفَصْلِ الْأَخِيرِ : نَجَوْتُ ... لِأَنَّ وَطَنِي لَمْ يَتَخَلَ عَنِّي.
الْيَوْمِ، أَقِفُ عَلَى مَنَصَّةٍ أَمَامَ جُمْهُورٍ كَبِيرٍ.
خَلْفِي شَاشَةٍ تُعْرَضُ فِيهَا عِبَارَتِي الْأَوْلَى:
لَمْ أَكَنَّ أُرِيدُ الموتَ، لَكِنَّنِي كَنَّت قَدْ بَدَأَتُ بِالْفِعْلِ".
أَرَى الْوُجُوهَ، أرى دموعا تشبه دموعي الْقَدِيمَةَ، وَأَقُولُ لَهُمْ:
أَنَا اسْمِي سُمُو.
كَنْتُ ضَحِيَّةَ صَمْتٍ وَخِدَاعٍ وَابْتِعَادٍ عَنِ اللَّهُ، لَكِنَّنِي وَجَدتُ يَدَا إِنْتَشَلَتَنِي.
وَجَدَت وَطَنَا ... لَمْ يُغْلِقُ بَابَهُ فِي وَجْهِي.
وَجَدتُ أَنَاسًا لَمْ يُحَاكِمُونِي، بَلْ عَالَجُونِي.
إِنْ كُنتُم عَلَى حَافَّة الظلام، تَذْكُرُوا أَنَّ النُّورَ أَقْرَبُ مِمَّا تَظُنُّون.
وَحِينَ انْتَهَيْتُ، وَقُفَ الْجَمِيعُ وَصَفَقُوا.
لَكِنَّ الَّذِي أَبَكَانِي، هُوَ حِينَ اِقْتَرَبَ أَحَدُ الضُّبَّاطِ، وَسَلَّمْنِي دَرْعَ التَّكْرِيمِ، وَقَالَ:
نَجَوْتِ... لِأَنَّ وَطَنَكِ لَمْ يَتَخَلَ عَنْكِ... وَنَحْنُ فَخُورُونَ بِسُمُو.
فَرَفَعتُ رَأْسِي وَهَمَستُ فِي قَلْبِي اللهم كنتَ مَعْي فِي لَحْظَةِ السُّقُوطِ..
وَهَا أَنْتَ تَقُودَنِي إِلَى الْعُلو....
تَمَّت لَكِنَّ حِكَايَة سُمُوَ لَمْ تَنْتَه ، بَلْ بَدَأْتَ الْآنَ مِنْ جَدِيدٍ....


مدار الساعة ـ