مدار الساعة - الشاعر منور العقيل الدعجه - في زمنٍ باتت فيه القصيدة سلعةً رخيصة في سوق الكلمات، ينهضُ أحمد الكور الصخري كالسيف من غمد المجد، شاعراً لا تُخطئه البصيرة، ولا تتجاوزه قلوب العاشقين للصدق والدفء والبيان. شاعرٌ امتزج في حرفه عبق البادية بأناقة الحرف، فغدا صوته مرآةً لنبض الوطن، وهمس العاشق، وآهات الإنسان.
هو ليس مجرّد شاعرٍ ينظم الكلمات، بل هو حالة وجدانية فريدة، تلامس الروح وتوقظ الحنين، شاعرٌ كتب للحب فأبدع، وكتب للوطن فأنطق الحروف وجعلها ترفع الراية وتصدح بالولاء والانتماء.
لقد حمل أحمد الكور الصخري قلمه، وراح يجوب به الآفاق، مشاركاً في عشرات الأمسيات الشعرية داخل الأردن وخارجها، رافعاً راية الكلمة الأردنية بصدقها ورحابتها، وكان من بين شعراء النخبة الذين تألقوا في مهرجان الشارقة للشعر الشعبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث وقف شامخًا، تفيض حنجرته بفيض المشاعر وتستحضر قصائده عراقة المكان وسمو الإنسان.
ولم يكن حضوره مقتصرًا على المنابر الأدبية فقط، بل امتدّ إشعاعه إلى الإعلام بمختلف وسائله، حيث حلّ ضيفًا كريمًا على العديد من اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية، كصوتٍ شعريّ محمّلٍ بالحكمة، والدفء، والموقف.
أما على الصعيد الفني، فقد كانت قصائده جسرًا تعبر من خلاله الأحاسيس إلى قلوب الناس بصوت الفنانين، فغدت كلماته أغانٍ يرددها الجمهور في الوطن وخارجه. من “توحشني” التي أنشدها الفنان الكبير عمر العبداللات، إلى “جيتك ألم” بصوت الفنان خليل طفيحات، مرورًا بتعاونات فنية مع أسماء لامعة مثل سعد أبو تايه ومصباح سلامة، وغيرها من الأعمال الوطنية والعاطفية التي وُلدت من رحم الإحساس ونمت في تربة الصدق والإبداع.
إننا اليوم، ونحن نقف على عتبات تجربته الشعرية، لا نجد من الكلمات ما يفيه حقه، لكننا نُقرُّ، بكل صدقٍ واعتزاز، بأن أحمد الكور الصخري شاعرٌ يستحق التكريم، لا لأنّه فقط أبدع، بل لأنه ظلّ وفيًا لذائقته وجمهوره، ولأنّه حمل القصيدة كما تُحمل الأمانة، فصانها من الابتذال، ورفعها إلى مقام الطهر والجمال.
تحية لقلمك المضيء، وفكرك النبيل، وعطائك الذي لم يعرف فتورًا طوال عقدين من الإبداع والتجدد. فأنتَ من الشعراء الذين لا يكتبون ليقال عنهم “شعراء”، بل لأن الشعر في دمك، والنبض في حرفك، والخلود في أثرك.