مدار الساعة - كتب:مالك الرشق -في عصر الهواتف الذكية والتطبيقات السريعة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، خصوصًا عند الأطفال والمراهقين. وبينما فتحت هذه الوسائل آفاقًا للتواصل والمعرفة، برزت ظاهرة مقلقة: انتشار المحتوى التافه والساذج، الذي يُروّج للسلوكيات السطحية، ويُشكّل خطرًا على نمو الطفل الذهني والاجتماعي.
الرشق يكتب: المحتوى التافه على وسائل التواصل: خطر صامت يهدد وعي الأطفال

مدار الساعة ـ
ما هو المحتوى التافه؟
هو كل محتوى يخلو من القيمة التربوية أو الأخلاقية أو المعرفية، مثل:
تحديات سخيفة وخطيرة (كأكل مواد ضارة أو تقليد تصرفات مؤذية).
مقاطع تمثيل مفتعلة تنشر الكذب أو تسوّق للتنمر والإساءة.
محتوى استعراضي يقوم على التقليد الأعمى للمؤثرين.
فيديوهات تافهة تجذب الانتباه من خلال الصراخ أو التصرفات غير المنطقية.
هذا النوع من المحتوى غالبًا ما يُنتج بهدف كسب المشاهدات والربح، دون أي اعتبار لتأثيره على المتلقّي، خاصة الطفل الذي لم تتكوّن لديه أدوات التمييز والنقد بعد.
كيف يؤثر هذا المحتوى على الأطفال؟
1. ضعف القدرة على التركيز
المحتوى السريع والمشوّق يجعل الطفل غير قادر على متابعة أي مادة تعليمية أو قصصية تتطلب انتباهًا طويلًا، مما يضعف قدرته الدراسية لاحقًا.
2. تشوه القيم والمفاهيم
عندما يرى الطفل أن من يقوم بتصرفات سخيفة أو خطرة يحظى بالإعجاب والمال، تبدأ لديه عملية "إعادة تعريف" للنجاح والمكانة، وقد يتبنى قيمًا سطحية بدلًا من العمل والاحترام والتعلم.
3. تبلد المشاعر وتغيّر اللغة
المحتوى التافه، خاصة حين يكون مصحوبًا بالشتائم أو السخرية، يؤثر في لغة الأطفال وسلوكهم الاجتماعي، وقد يدفعهم لتقليد ما يرونه دون وعي بالعواقب.
4. الإدمان والانعزال
يتسبب الإفراط في استهلاك هذا النوع من المحتوى في إدمان الهاتف، مما يؤدي إلى العزلة، ضعف العلاقات الأسرية، وقلة الحركة الجسدية.
من المسؤول؟
الأهل: تقع عليهم مسؤولية المراقبة والتوجيه، لكن كثيرًا منهم يعطون الهاتف للطفل كأداة تهدئة، دون متابعة لما يشاهده.
المدارس: يمكنها أن تقوم بدور تثقيفي في التوعية الرقمية، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى برامج متخصصة في التربية الإعلامية.
المنصات التقنية: تتحمل جزءًا من المسؤولية، إذ تسمح بانتشار محتوى تافه أو ضار دون رقابة حقيقية.
المؤثرون: بعضهم يستغل الأطفال كمحتوى، أو ينشر تصرفات غير مسؤولة، مما يشرعن التفاهة مقابل الشهرة.
الحلول الممكنة
تعزيز الرقابة الأبوية وتفعيل أدوات تصفية المحتوى.
إدخال التربية الإعلامية كمادة تعليمية في المدارس.
دعم صناع محتوى هادف، وتحفيز الأطفال على متابعته.
حملات مجتمعية للتوعية بخطر "المحتوى السام" وأثره.
إنشاء منصات عربية آمنة للأطفال، تدمج الترفيه مع التربية.
خاتمة
في زمن صارت فيه الشاشة تربي أكثر مما تربي الأسرة، لم يعد تجاهل خطر المحتوى التافه خيارًا. حماية الأطفال من هذا المحتوى ليست مهمة فردية فقط، بل واجب تربوي ومجتمعي وإعلامي. فكما نحميهم من الأذى الجسدي، يجب أن نحميهم من التلوث الفكري والنفسي.