مدار الساعة - كتب:غيث القرالة -في زمن تتسارع فيه التحديات الإقليمية والدولية ويشتد فيه سباق التحول الرقمي والابتكار باتت الحاجة ملحة إلى منصات حوارية حقيقية تجمع بين صانعي القرار والشباب وتمنح هذا الجيل مساحة للتعبير والمشاركة الفاعلة في صياغة رؤى المستقبل ومن هنا برز منتدى تواصل 2025 الذي نظمته مؤسسة ولي العهد في مجمع الملك الحسين للأعمال بالعاصمة عمان كمحطة وطنية نوعية ترجمت روح الثقة التي يوليها جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للشباب الأردني
القرالة يكتب: تواصل 2025.. حين يتحدث الحسين ويصغي الشباب وتبنى الثقة

مدار الساعة ـ
في كلمته الافتتاحية للمنتدى تحدث سمو ولي العهد بلغة قريبة من الشباب لكنه لم يكتف بالخطابة بل قدم رؤية متكاملة لبناء الدولة الحديثة ركز سموه على أن هذا البناء لا يمكن أن يتم من خلال تطوير الهياكل الإدارية فقط بل يجب أن يبنى على الإنسان والعقل والمنهج وبين سموه أن التعليم والصحة والإدارة والاقتصاد بحاجة إلى تطوير مستمر مشددا على أن التحول الرقمي هو المفتاح لمستقبل الأردن
من أبرز المحاور التي طرحها سموه أهمية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لا سيما في قطاع التعليم عبر توظيف مساعدين افتراضيين يواكبون قدرات الطلبة ويوفرون تجربة تعليمية مخصصة كما تحدث عن إمكانية استخدام الدرونز في مراقبة البنية التحتية والخدمات ما يسهم في رفع كفاءة القطاعات الحيوية مثل المياه والكهرباء والأهم كان تأكيد سموه أن تمكين الشباب لا يكون شعاريا بل يتجلى في إشراكهم الفعلي في اتخاذ القرار وفي الاستثمار العملي في مهاراتهم وقدراتهم
لقد نجح المنتدى في ترجمة هذه الرؤية من خلال تنظيم ست جلسات حوارية متخصصة تناولت قضايا تمس جوهر التحديات الوطنية والمستقبلية ومنها الذكاء الاصطناعي والبيانات وريادة الأعمال والسياحة والفن والثقافة والتدريب المهني والتقني والإصلاح الإداري وشارك في هذه الجلسات أكثر من ألف شاب وشابة من مختلف المحافظات إلى جانب عدد من المسؤولين والخبراء من القطاعين العام والخاص ما أضفى على النقاشات طابعا وطنيا جامعا وتفاعلا حيا بين الطموحات الشبابية وصناع القرار
منذ تأسيسها عام 2015 أثبتت مؤسسة ولي العهد أنها ليست مجرد مظلة لدعم المبادرات بل أصبحت رافعة وطنية لتمكين الشباب الأردني وتحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية وقد قدمت المؤسسة خلال المنتدى نماذج حية لبرامجها الناجحة وعلى رأسها جامعة الحسين التقنية التي تمثل نموذجا فريدا في المواءمة بين التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل المتغيرة خصوصا في ظل الاقتصاد الرقمي المتسارع
أما عن تجربتي الشخصية فقد كانت المشاركة في هذا المنتدى نقطة تحول عميقة على الصعيدين المهني والفكري حضور الجلسات والمشاركة الفاعلة في النقاشات وتبادل الآراء مع شباب من مختلف المشارب منحني فرصة نادرة للتفاعل مع قيادات وطنية وطموحة في بيئة تشجع على التفكير النقدي والابتكار
و ما رسخ في ذهني بعد هذه التجربة هو إيماني المتجدد بأن الشباب الحزبي تحديدا مطالب اليوم بأدوار جديدة في بناء خطاب وطني جامع يوازن بين الحداثة والانتماء وبين التكنولوجيا والهوية الأردنية وهذا المنتدى منحني دفعة قوية نحو التفكير في أدوات جديدة للعمل العام تتجاوز التقليدي وتؤمن بالحوار والتشاركية أساسا للتغيير
في الختام.... لم يكن منتدى تواصل 2025 مجرد فعالية عابرة أو منصة دعائية بل كان جسرا فكريا وعمليا بين القيادة والشباب جسرا مبنيا على الثقة والاحترام والمسؤولية المشتركة في بناء وطن يليق بطموحاتنا ويعتمد علينا فعليا كشركاء في مسيرته لا كمراقبين لها.