في تاريخ الأمم رجال لا تُختصر سيرتهم بالرتب ولا تُقاس إنجازاتهم بالمناصب، بل تُروى كجزءٍ أصيل من السردية الوطنية التي تشكّل وعي الدولة وذاكرتها. ومن بين هؤلاء، يبرز اسم اللواء الركن الطيار أحمد جويبر العتيبي (أبو شهاب)، بوصفه واحدًا من صقور سلاح الجو الملكي الأردني، وأحد أبناء الوطن الذين كُتبت بصماتهم بحروف من ذهب في سجل الأردن الحديث.
تمثّل سيرة الطيار أحمد جويبر العتيبي نموذجًا متكاملًا لـ السردية الأردنية القائمة على الإخلاص والانضباط والكفاءة، منذ فجر الدولة وحتى مراحل البناء المؤسسي المتقدمة. فهو ابن لأسرة عرفت معنى الدولة مبكرًا، إذ كان والده الشيخ جويبر العتيبي من رجالات الأردن الأوائل الذين عاصروا تأسيس إمارة شرق الأردن، فكان الانتماء للوطن فعلًا يوميًا قبل أن يكون شعارًا.بدأت رحلة أبو شهاب العسكرية عام 1960، حين كان ضمن الفوج الأول من الطيارين الأردنيين الذين تخرجوا من أكاديمية سلاح الجو الملكي البريطاني (RAF) في قاعدة أوكنتون، متخرجًا برتبة ملازم طيار حربي مقاتل. وفي العام ذاته، عاد إلى أرض الوطن ليُعيَّن مباشرة في السرب الأول في قاعدة المفرق الجوية، طيارًا مقاتلًا على طائرات هوكر هنتر، في مرحلة كان فيها سلاح الجو الملكي الأردني يؤسس لهيبته وعقيدته القتالية.وفي عام 1964، تولى قيادة الرف الملكي للطائرات المروحية، ليثبت قدرته القيادية في مواقع حساسة تتطلب دقة عالية ومسؤولية مباشرة. ثم في عام 1965، أُسندت إليه قيادة السرب الثالث للنقل، حيث واصل بناء خبرته العملياتية والإدارية في آن واحد.عام 1969 شكّل محطة مفصلية في مسيرته، إذ ابتُعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية للالتحاق بدورة الأركان المتقدمة في قاعدة ماكسويل الجوية، وكان حينها برتبة نقيب، في تأكيد واضح على ثقة القيادة بقدراته، وعلى انفتاح السردية الأردنية على العلم العسكري الحديث دون التفريط بالهوية الوطنية.ما بين 1970 و1979، تولى اللواء أحمد جويبر العتيبي قيادة قاعدة الملك الحسين الجوية في المفرق برتبة رائد، وبقي في هذا المنصب لمدة تسع سنوات متواصلة، وهي فترة استثنائية تعكس حجم المسؤولية والثقة. وخلال هذه المرحلة، لم يكن قائدًا إداريًا فحسب، بل كان قائدًا ميدانيًا صنع الرجال، ورسّخ الانضباط، وأسهم في تطوير البنية التشغيلية لإحدى أهم القواعد الجوية في المملكة.وخلال قيادته للقاعدة، واصل تطويره العلمي والعسكري، فالتحق بدورة كلية الحرب العليا في الصين الوطنية (تايوان)، في محطة أخرى تؤكد أن القائد الأردني يجمع بين الميدان والعلم، وبين التجربة والرؤية الاستراتيجية.بين عامي 1981 و1984، انتقل أبو شهاب إلى العمل الدبلوماسي العسكري، حيث شغل منصب الملحق العسكري والدفاعي في السفارة الأردنية في واشنطن، ممثلًا للقوات المسلحة الأردنية، وحاملًا لصورة الضابط الأردني المنضبط والمهني في واحدة من أهم العواصم العالمية.أنهى اللواء الركن الطيار أحمد جويبر العتيبي خدمته العسكرية برتبة لواء طيار، لكنه لم يُنهِ خدمته للوطن. ففي الفترة ما بين 1984 و1991، تولى منصب مدير عام مطار الملكة علياء الدولي، وأسهم في إدارة وتطوير أهم بوابة جوية للأردن. ثم ما بين 1991 و1996، شغل منصب المدير العام لسلطة الطيران المدني الأردني، حيث كان له دور محوري في تطوير التشريعات الناظمة لقطاع الطيران المدني، وتعزيز معايير السلامة والتنظيم المؤسسي.إن الحديث عن اللواء أحمد جويبر العتيبي ليس مجرد استذكار لمسيرة فرد، بل هو استحضار لمعنى السردية الأردنية في أنقى صورها: طيار مقاتل، قائد عسكري، ورجل دولة، جمع بين الشجاعة في السماء والحكمة على الأرض، وبين الانضباط العسكري والإدارة الوطنية الرشيدة.أبو شهاب لم يكن مجرد طيار حلق في سماء الأردن، بل كان صقرًا من صقور هذا الوطن، حلّق عاليًا حين تطلّب الواجب، وترك أثره ثابتًا حين جاء وقت البناء. ومثل هذه القامات لا تُنسى، لأنها تشكّل جزءًا من ذاكرة الأردن، ومن الحكاية التي يجب أن تُروى للأجيال القادمة، لتعرف أن هذا الوطن صُنِع بسواعد رجالٍ آمنوا به، وحمَوه، وبنوه… بصمتٍ وكبرياء. ادامك بالصحة العافية العم الغالي " ابو شهاب " احمد جويبر العتيبي " صاحب العزيمة والفضل والمسيرة المشرفة في وطننا الغاليسردية أردنية للطيار الباشا أحمد جويبر العتيبي
عبدالله فارس العلاونه
مستشار بريادة الأعمال والتمكين للشباب
سردية أردنية للطيار الباشا أحمد جويبر العتيبي
عبدالله فارس العلاونه
مستشار بريادة الأعمال والتمكين للشباب
مستشار بريادة الأعمال والتمكين للشباب
مدار الساعة ـ
