أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

القوانين والأعراف في الأردن تكفلان السكينة والعلاقات الطيبة بين الجيران

مدار الساعة,أخبار المجتمع الأردني,الجامعة الأردنية
مدار الساعة (بترا) ـ
حجم الخط

مدار الساعة - بترا -تتقاطع القوانين الأردنية والأعراف الاجتماعية في رسم ملامح العلاقة بين الجيران، بما يضمن حماية الحقوق والحفاظ على بيئة سكنية يسودها الاحترام المتبادل.

ويشير الخبراء إلى أن التشريعات الأردنية توفر آليات واضحة لمعالجة النزاعات، بدءًا بالحلول الودية عبر الحوار المباشر، وصولًا إلى الإجراءات القانونية في حال استمرار الانتهاكات، مع تحديد حقوق وواجبات الجيران بشأن الأصوات والإزعاج والخصوصية واستخدام المساحات المشتركة.

كما تؤكد الدراسات الاجتماعية أن تعزيز التفاهم والتواصل بين السكان يسهم في الحد من الخلافات، ويعزز الروابط المجتمعية ويضمن بيئة سكنية أكثر استقرارًا وأمانًا.

وأكد المحامي عامر الطرزي، المتخصص في الشؤون القانونية والعقارية ، أن حقوق وواجبات الجيران في الأردن تخضع لإطار قانوني متكامل يجمع بين القوانين المدنية والجنائية والتنظيمية، إلى جانب مبادئ حق الجوار المعتمدة في الفقه والقضاء.

وبيّن أن هذا الإطار القانوني يهدف إلى حماية الحقوق وتحقيق التوازن بين ممارسة الحقوق واحترام الملكيات المجاورة، موضحًا أن التعامل مع الشكاوى يبدأ غالبًا بالحل الودي، من خلال التنبيه والتفاهم مع الجار لتجنب النزاعات، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب يساهم في الحفاظ على العلاقات الطيبة بين الجيران وتجنب التصعيد القانوني.

وأضاف أن استمرار الإزعاج، مثل الأصوات العالية أو الحفلات أو الأعمال المزعجة، يتيح للمتضرر تقديم شكوى للبلدية أو الشرطة، مع إمكانية رفع دعوى مدنية لتعويض الضرر إذا ثبت حدوثه، مشيرًا إلى أن التعدّي على الخصوصية، مثل تركيب كاميرات مراقبة باتجاه بيت أو شرفة الجار، يعد انتهاكًا للقانون، ويحق للمتضرر تقديم شكوى رسمية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وأوضح الطرزي أن القانون يحدد استخدام المناطق المشتركة، مثل الحدائق والأسطح ومواقف السيارات والممرات والمداخل، لجميع السكان، وأن استغلالها لمصلحة شخصية يعد تعديًا، ويحق مطالبة الجار بالتوقف وديًا، وإذا رفض، يمكن رفع دعوى قضائية لمنع التعدي والمطالبة بإزالته وتعويض المتضرر.

وأكد أن القانون الأردني لا يقتصر على الحلول الودية، بل يشمل العقوبات القانونية عند الإصرار على التعدي، مثل إلزام المخالف بإزالة التعدي، وفرض الغرامات في حالات الإزعاج أو المخالفات، وتعويض المتضرر، إلى جانب المخالفات البلدية إذا كانت المشكلة تتعلق بالبناء أو احتلال المساحات العامة.

وأوضح أن مصطلح "الحريم" في القانون المدني الأردني يشير إلى المسافة أو المنطقة المحيطة بالملكية التي لا يجوز استغلالها بطريقة تضر بصاحب العقار الآخر، مبينًا أن هذا المصطلح يحدد حدود احترام الجار لملك جاره، مثل منع البناء الذي يحجب الشمس أو الهواء أو الطريق، وهو بذلك قيد قانوني لحماية حقوق الجيران.

ولفت الطرزي إلى أن القانون المدني ينظم العلاقة بين الجيران من خلال مواد تتعلق بالحريم ونفي الضرر والتعدي والاستعمال غير المألوف للحق.

وأشار إلى أن قانون العقوبات يفرض عقوبات على الإزعاج والإخلال بالسكينة العامة والتعدي على الملكية، فيما ينظم نظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى الانتفاع بالأجزاء المشتركة ومواقف السيارات والتعديات على الارتداد والأملاك المشتركة.

وأضاف أن قانون الملكية العقارية رقم 13 لسنة 2019 يحدد حقوق الملكية المشتركة والانتفاع بالأجزاء المشتركة وقواعد استخدام الأسطح والحدائق، فيما تنظم التشريعات والتعليمات البلدية إدارة الأجزاء العامة مثل الكراج والسطح والمداخل والحدائق المشتركة.

وأكد وجود جزاءات مدنية وجزائية لمن يتجاوز حدود حقوق الجوار، تشمل وقف التعدي وتعويض الضرر وإزالة الضرر، إضافة إلى فرض غرامات عن الإزعاج والإخلال بالسكينة، وعقوبات عن انتهاك الخصوصية، ومخالفات بلدية عن الاستعمال غير المرخص، مشددًا على أن الصلح يظل الخيار الأول دائمًا، لكنه لا يلغي حق المتضرر في الملاحقة القانونية عند استمرار الانتهاكات.

وأشار إلى أن كثيرًا من النزاعات تنشأ نتيجة الجهل بالضوابط القانونية لحق الجوار، وعدم معرفة قواعد الملكية المشتركة، وعدم الالتزام بالتراخيص البلدية، وسوء استعمال المساحات المشتركة، مؤكدًا أن نسبة كبيرة من النزاعات تُحل بالعرف الاجتماعي غالبًا بعد تفاقم الخلاف.

ونصح الطرزي السكان بالاطلاع على نظام الملكية المشتركة لعقاراتهم، والالتزام بالهدوء والأعراف السكنية، وعدم استخدام الكراج أو السطح أو الحدائق بشكل حصري إلا وفق الاتفاق، والامتناع عن تركيب كاميرات تجاه ممتلكات الآخرين، والتواصل الودي قبل اللجوء إلى الشكوى الرسمية، مع توثيق أي اتفاق خطي بين مالكي العقار حول استخدام الأجزاء المشتركة لتجنب النزاعات المستقبلية.

من جانبها، قالت دكتورة علم الاجتماع والاتصال في الجامعة الأردنية، ميساء الرواشدة، إن العلاقات بين الجيران في الوقت الحاضر باتت أكثر سطحية وضعفًا في التواصل الإنساني المباشر مقارنة بالماضي، حيث كانت الجيرة سابقًا تمثل امتدادًا للعائلة وتقوم على التعاون والمشاركة في مختلف المناسبات الاجتماعية.

وأضافت الرواشدة، في حديثها لـ(بترا)، أن تسارع وتيرة الحياة العصرية وزيادة انشغال الأفراد، إلى جانب الاعتماد الكبير على وسائل التواصل الافتراضي، أسهم في تقليص اللقاءات الوجاهية والتفاعلات اليومية التي كانت تعزز الروابط الاجتماعية داخل الأحياء السكنية.

وبيّنت أن طبيعة العلاقات بين الجيران تتأثر بعدة عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية، موضحة أن ارتفاع تكاليف المعيشة والضغوط المالية يدفع الأفراد إلى التركيز على تأمين احتياجاتهم المعيشية على حساب بناء العلاقات الاجتماعية.

كما أشارت إلى أن أنماط السكن الحديثة، مثل العمارات والمجمعات المغلقة، قللت من فرص التواصل اليومي بين السكان، إلى جانب تصاعد النزعة الفردية وتراجع قيم التضامن والمشاركة الاجتماعية.

وفي المقابل، أكدت الرواشدة أن المجتمعات المحلية المتماسكة والمستقرة اجتماعيًا تظل بيئة خصبة لتعزيز روح التعاون والتكافل بين الجيران.

وحذّرت من أن ضعف التواصل الاجتماعي يؤدي إلى ازدياد حالات سوء الفهم بين السكان، موضحة أن غياب الحوار المباشر يجعل الأفراد أكثر عرضة لتفسير السلوكيات بشكل خاطئ، مما يسبب نزاعات حول قضايا بسيطة مثل مواقف السيارات أو الضجيج أو إدارة المرافق المشتركة.

وأضافت أن غياب المعرفة المتبادلة يضعف النسيج الاجتماعي داخل الحي، ويخلق بيئة يسودها التوتر والانعزال بدلاً من التفاهم والتسامح.

ولفتت إلى أن الخلافات حول النفقات المشتركة، مثل صيانة المصاعد ودهان الممرات وتنظيف الدرج وتسديد فواتير الكهرباء العامة، أصبحت من أبرز مظاهر ضعف التواصل والتفاهم بين الجيران.

وبيّنت أن هذه الخلافات، رغم بساطتها، تتحول في كثير من الأحيان إلى مصدر توتر دائم داخل العمارات، وتؤدي إلى تدهور البيئة السكنية وإهمال الصيانة، ما ينعكس سلبًا على البنية التحتية وجودة الحياة.

وأكدت أن القيم الدينية والتربوية تلعب دورًا محوريًا في تعزيز احترام حقوق الجار، كما أن التربية الأسرية والمدرسية تسهم في غرس قيم الاحترام والتعاون والمساعدة منذ الصغر، وهي أساس بناء مجتمعات يسودها الاحترام المتبادل والتعاطف الإنساني.

وفيما يتعلق بالحلول والمبادرات التي من شأنها إعادة روح الترابط الاجتماعي داخل الأحياء، دعت الرواشدة إلى تنظيم فعاليات مجتمعية مشتركة، مثل حملات النظافة والأنشطة التطوعية والأسواق الشعبية الصغيرة، إضافة إلى تفعيل لجان الأحياء والأبنية لتعزيز التواصل بين السكان والبلديات.

كما أوصت بإنشاء مجموعات تواصل رقمية إيجابية تُعنى بتبادل الأخبار والمساعدات، وتشجيع المبادرات الشبابية التي تنمي روح الانتماء والمسؤولية الاجتماعية، مؤكدة أهمية تضمين قيم الجيرة في المناهج التعليمية والإعلام المحلي لترسيخ مفاهيم التعايش والتراحم بين أفراد المجتمع.


مدار الساعة (بترا) ـ