أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات مغاربيات دين بنوك وشركات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

أبو دلو يكتب: أقلها حماية الاستثمار


المحامي الدكتور معاذ وليد ابو دلو

أبو دلو يكتب: أقلها حماية الاستثمار

مدار الساعة ـ

قبل أيام، خرج علينا أحد كبار المستثمرين في البلد ،وربما الأكبر من حيث حجم مشاريعه وتنوع قطاعاتها في الطاقة والزراعة والصناعة وغيرها بتصريح صادم بالنسبة لي وللكثير من الأردنيين ،فقد أكد انه يتعرض لمحاولات ابتزاز من أشخاص متنفذين ومسؤولين في الدولة لتحقيق منافع شخصية.

والسؤال هنا: إذا كان مستثمر بهذه الضخامة يتعرض لمثل هذه التصرفات غير القانونية والمبتذلة، فكيف هو حال المستثمر البسيط والأصغر حجمًا في مختلف القطاعات؟

إن مثل هذه الأفعال تمثل مؤشرًا خطيرًا، خصوصًا أنها صادرة عن مستثمر أردني معروف. ولا نعلم للأسف ماذا قد يحدث مع المستثمرين الأجانب أو الأصغر الذين لا يملكون نفس القدرة على المواجهة أو التصريح.

لقد أنهكتنا الحكومات المتعاقبة حديثًا عن الاستثمار وضرورة جذبه، ولم نرى نتائج تذكر حتى مع الحكومة الحالية ذات الطابع الاقتصادي، التي يضم فريقها الاقتصادي أسماء توصف بأنها نشيطة وتتحدث باستمرار عن التحديث الاقتصادي. ومع ذلك، لم نلمس أي استثمارات كبيرة تم جذبها منذ توليها المسؤولية، وبالعامية“عليها العين”.

ولن أخوض في طريقة جذب الاستثمارات وما يقع على الجهات الداخلية القيام به، ولا حتى دور سفاراتنا التي لا نرى لها نشاطًا يذكر سوى الاستقبال والتوديع. وأتمنى أن أكون مخطئًا، وأن تبادر الجهات المعنية بنشر أرقام حقيقية حول الاستثمارات والمنافع الاقتصادية التي تجلبها بعثاتنا الدبلوماسية.

ويجب أن نعلم – كأردنيين – أن أي استثمار يأتي للوطن ليس نتيجة “شطارة” العاملين في هذه الملفات على اختلاف مواقعهم في الاستثمار أو الجهات الاقتصادية، ولا نتيجة جهود الحكومات، بل يعود في الأساس إلى جهود الملك، وما يقوم به من ترويج دائم للأردن ومحاولاته المستمرة لجذب المستثمرين في مختلف القطاعات الحيوية من شتى ارجاء العالم.

القانون حمى المستثمر، وفي ذات الوقت حمى الدولة ، والأصل أن تكون هناك بيئة محفزة قبل أي شيء، للمستثمر الوطني وهو الأهم برأيي – وللمستثمر الأجنبي ،وأن نبتعد عن البيروقراطية القاتلة للاستثمار. فالبيروقراطية نظام صحي عندما تطبق بشكل سليم لمنع الفوضى، لكنها تتحول إلى عائق خطير عندما تطبق بطريقة سلبية تؤدي إلى تعطيل أي مشروع استثماري.

إن ما جاء في تصريحات المستثمر، وما تلاها من اجتماع مع الحكومة، يؤكد أن هناك مشكلات أكبر بكثير، ومحاولات ابتزاز أخطر مما تم التصريح به، تختلف باختلاف نوع الاستثمار وطبيعته. ولذلك، على الحكومة أن تكون جادة ومسؤولة، وأن تقوم بما يترتب عليها فعله لحماية الاستثمارات القائمة على الأقل، طالما أن جذب استثمارات جديدة يبدو أمرًا صعبًا على حكوماتنا.

إن استمرار مثل هذه الممارسات، وصمت الحكومة عنها أو عجزها عن معالجتها بجدية، ليس خطرًا على المستثمرين فحسب، بل هو خطر مباشر على سمعة الأردن الاقتصادية، وعلى قدرته على جذب أي استثمار مستقبلي. واقتصادنا لا يتحمل مزيدًا من الأخطاء ، وان تجاهل هذه المؤشرات قد يقودنا إلى مرحلة يصعب فيها إصلاح الضرر، وقد تفقد البلاد ثقة المستثمرين المحليين قبل الأجانب، وعندها لن تنفع الأعذار ولا الوعود.

مدار الساعة ـ