يبذل جلالة الملك عبدالله الثاني جهودا جبارة لجلب الاستثمار إلى الأردن، مدركا أن كل فرصة اقتصادية جديدة هي "فرصة عمل" لشاب أو شابة في كل بيت أردني، فجلالة الملك لا يكتفي بالمتابعة فقط، بل يتحرك شخصيا في الداخل والخارج، من آسيا لأوروبا، ومن الأمريكيتين لأفريقيا والدول العربية، لعرض الفرص الاستثمارية وجذب المستثمرين للمملكة، فماذا علينا نحن أن نفعل؟.
هذه الجهود لم تعد مجرد أرقام على الورق، فقد ارتفع حجم الاستثمار خلال العام الحالي بنسبة 36% رغم التحديات الإقليمية والدولية، وارتفعت الصادرات 9%، ما انعكس إيجابا على النمو الاقتصادي الذي بلغ 2.9%، مع توقع تجاوزه 3%قريبا، وهذه الارقام والمؤشرات تؤكد أن الأردن يمتلك فرصا مهمة يجب استغلالها وترجمتها إلى مشاريع ذات قيمة مضافة.ولكن كل هذه الإنجازات والفرص تواجه اختبارا حقيقيا داخليا، ويكمن في: هل نحن كمواطنين وقطاع عام وقطاع خاص ندعم هذه الفرص كما يجب؟ هل نسهل الطريق امام المستثمر ونساعده، أم نعرقل الطريق ونترك الفرص تضيع؟فكل فرصة تضيع ليست مجرد خسارة مالية، بل هي ضياع فرصة عمل ضاعت على الشباب وبكل بيت أردني، ومشروع لم يتحقق،وحلم لم يكتمل.الملك يقوم بدوره بلا كلل أو ملل أو إحباط، والبيئة الاستثمارية في المملكة تتطور، لكن النجاح الحقيقي يتطلب أن نتحرك نحن أيضا، من خلال تبسيط الإجراءات وإزالة العقبات واحترام المستثمر، وتعزيز الوعي المجتمعي بأن الاستثمار ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية لمستقبل شبابنا.من المؤسف أن نرى جهدا ملكيا بهذا الحجم، ثم نرى من يفرط به، أو يعطله، أو لا يدرك قيمته أحيانا، فنحن لا نملك رفاهية إضاعة الفرص، ولا نملك ترف الانتظار، ولا نملك وقتا لتبرير أي تقصير، فهذا البلد يحتاج إلى كل فرصة، وإلى كل مستثمر، وإلى كل مشروع، وكل يد تبني، ولديه من الفرص التي تمكنه من أن يكون منافسا شرسا في المنطقة والعالم على جذب الاستثمارات.خلاصة القول، كل استثمار يضيع وكل فرصة تترك وكل مشروع يتأخر، تكون النتيجته تعطل شاب ينتظر فرصة عمل، ولهذا لا يترك جلالة الملك أي فرصة إلا واغتنمها وجاء بها الينا، والسؤال الآن: هل سنغتنم هذه الفرص نحن المواطنين والقطاعين العام والخاص والاعلام، أم سنتركها تفلت من بين أيدينا، ليدفع شبابنا وأجيالنا المقبلة الثمن؟.الملك يأتينا بالفرص… فهل نغتنمها؟
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ