أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

عام من أربعة


مكرم الطراونة

عام من أربعة

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، قد يكون من أكثر رؤساء الحكومات الذين نجحوا في تجاوز عامهم الأول من دون أن يتعرضوا لموجات ارتدادية قوية تجاه حكومته، ولعل ذلك عائد في الأساس إلى نجاحه، حتى اليوم، في عكس رؤية واضحة لعمله، عبر التركيز على جانبين رئيسيين، يتعلق الأول باتخاذ قرارات كثيرة ومهمة، وثانيهما، كما يرى كثيرون، حفاظه على نهج التواصل الميداني مع الناس وتلبية العديد من الاحتياجات الضرورية للمجتمعات المختلفة.

المعيار السابق يتعلق بالرئيس كفرد لا كمجموع أفراد الحكومة، فهو يقود دفة عمله باقتدار، وقادر على إدامة التواصل الفعّال مع المواطنين بمختلف المناطق، ولكن مع دخول الحكومة عامها الثاني، فهل سينجح شخص الرئيس في تجاوز العديد من التحديات التي ستواجهها الحكومة، أم سيتأثر بها وتأخذه إلى مسار آخر في إدارة السلطة التنفيذية.

هناك جملة من التحديات التي سوف تؤثر على الحكومة في المستقبل القريب، بعضها يتعلق بقوانين سيناقشها مجلس النواب، وربما تولّد صداما بين السلطتين؛ التنفيذية والتشريعية، وهو أمر مرجح كثيرا، ما يوجب على الحكومة أن تستعد له، رغم أنه لن يكون صدام تكسير عظم، ولكنه قد يشكل نقطة إزعاج وأصداء مزعجة عند الرأي العام.

النقطة الأخرى التي يمكن أن تشكل تأثيرا على الحكومة، هي ما تبقّى من مبالغ مالية كانت الحكومة قد جمعتها من القطاع الخاص تحت بند "المسؤولية الاجتماعية"، وهي الأموال التي أسهمت بفعالية في الضخ المالي الإيجابي المحفز، خصوصا في قطاعي التعليم والصحة، ولا سيما أن هناك صعوبة كبيرة في التحرك بشكل مريح من خلال الموازنة العامة.

التحدي الأكبر يتمثل في الحكومة ذاتها، فبعض الوزراء للأسف بدأوا ما يمكن تسميتها "مرحلة الانهيار الداخلي" بسبب عدم قدرتهم على مواكبة توجيهات الرئيس الكثيرة وذات التفاصيل المتعددة، وضغط العمل المستمر منذ أكثر من عام. هذه النقطة بالذات ستشكل معضلة كبيرة ستؤرق إنسانا بصفات الدكتور حسان، الذي يعبر عن طاقة متفجرة لا تملّ، ولا أعلم هل الأنسب مواصلة الضغط ذاته، أم التوجه نحو العمل بهدوء أكثر؟ الأمر متروك لتقييم الرئيس نفسه.

جانب آخر تحتاج الحكومة الانتباه له، فهناك عدد بسيط من الوزراء يؤثرون سلبا، وبشكل مباشر على منجز الرئيس، بسبب الخلافات البينية بينهم، وهي خلافات باتت تطفو على السطح، ما قد يؤدي إلى إرباك العمل وانسيابيته.

إعلاميا، نجحت الحكومة في عامها الأول ببناء علاقة رصينة مع الإعلام، لكن هناك ملاحظات تتراكم يجب تداركها، والعمل على تنويع هذه العلاقة وفتح آفاق أخرى، لأن هناك انطباعات غير صحية عند مؤسسات إعلامية ستؤثر سلبا على مسيرة الإنجاز التي قد تحققها الحكومة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، إذا ما افترضنا أن عمرها الافتراضي أربعة أعوام، وليس أكثر.

إجمالا، فإن المتابع لا بد سيسجل للحكومة؛ برئيسها وفريقها الوزاري، نجاحهم في تجاوز صعوبات المرحلة الأولى، وهي فترة شكلت "مطبا" صعبا وقعت فيه العديد من الحكومات. هذا يعني أن القادم مبشر، والنهج سيواصل نضوجه ووضوحه، وستكتسب بالتالي مزيدا من الرضا الشعبي، ما يخدم الأردن وخططه التحديثية الثلاث خلال هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة برمتها.

نجاح الحكومة في رأي المتابعين ليس مجرد انطباعات، بل هو ثبات بالسياسات وكثير من الأرقام، ولكن بعض المراجعات ستكون ضرورية لتواصل هذا النجاح.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ