أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الزعبي يكتب: الدولة بين نرجسية بعض النواب وهدوء الحكومة.. معادلة البقاء والاستقرار


محمد علي الزعبي

الزعبي يكتب: الدولة بين نرجسية بعض النواب وهدوء الحكومة.. معادلة البقاء والاستقرار

مدار الساعة ـ

كمراقب ومتابع للمشهد السياسي الأردني، تبدو العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب مساحة تتجاوز حدود الأدوار الدستورية، لتكشف في عمقها معركة التوازن بين هيبة الدولة ومتطلبات الرقابة، وبين منطق المؤسسات وضجيج بعض الخطابات الفردية، وفي قلب هذا المشهد، يتجسد الفارق بين نرجسية بعض النواب، وهدوء الحكومة الذي يتصرف بوعي يدرك حجم المرحلة وحساسية القرار.

تدرك الحكومة أن الصدام لا يصنع إنجازًا، وأن إدارة الدولة تحتاج إلى تروٍّ ومسؤولية، لا إلى الانجرار وراء الاستفزاز أو الدخول في سجالات تعطل المسار العام، ولذلك حافظت على خطاب متزن، يميل إلى الحوار، ويفضل كظم الغضب السياسي على فتح أبواب الفوضى، إدراكًا منها بأن الإصلاح الاقتصادي والسياسي لا يكتمل إلا باستقرار البيئة التشريعية.

على الجانب الآخر، يمارس مجلس النواب دوره الرقابي والتشريعي بوصفه صوت الناس، لكن تضخم الأنا السياسية لدى بعض الأفراد أحيانًا يحوّل الرقابة إلى أداة للمناكفة، ويجعل بعض المطالب أقرب إلى الكيد السياسي منها إلى المصلحة الوطنية، وهنا تضيع الأولويات، وتتعطل الملفات الكبرى، ويتأثر المزاج العام بما لا يخدم الدولة ولا المواطن.

ومع ذلك، يبقى الأمل قائمًا في الوعي العميق لدى كثير من النواب الذين يدركون أنّ قوة المجلس تكمن في رصانته لا في ضجيجه، وفي شراكته مع الحكومة لا في خصومته معها، كما أنّ الحكومة، رغم كل الضغوط ما زالت تتعامل بمنهج دبلوماسي محسوب، يحفظ توازن العلاقة ويجنب البلاد أي ارتباك سياسي لا ضرورة له.

اليوم، ومع دخول الأردن مرحلة مفصلية من التحديث، يصبح بناء معادلة ناضجة بين الحكومة والبرلمان واجبًا وطنيًا، معادلة تتقدم فيها المصلحة العامة على الاعتبارات الشخصية، ويعلو فيها صوت الدولة فوق أي نزق سياسي، ويترسخ فيها الوعي بأن الوطن أكبر من كل المناكفات وأهم من كل الحسابات، وحين يلتقي الطرفان تحت مظلة العقلانية، وتعود بوصلة العمل العام إلى اتجاهها الصحيح، فإن الأردن يمضي بثبات نحو مستقبل أكثر استقرارًا، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات، وأكثر ثقة بمؤسساته ودوره الإقليمي والدولي.

مدار الساعة ـ