أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

إجراءات لا بدّ منها


سلامة الدرعاوي

إجراءات لا بدّ منها

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

تفرض اللحظة الراهنة مقاربة مختلفة وأكثر صرامة في التعامل مع ملف العمالة غير الأردنية، وهو ما دفع وزارة الداخلية ووزارة العمل ومديرية الأمن العام لإصدار بيان مشترك يؤكد ضرورة التزام الأجانب المقيمين في المملكة بأحكام قانون الإقامة وشؤون الأجانب، وبخاصة تصويب أوضاعهم القانونية وتحديد أماكن إقامتهم.

أهمية هذا البيان لا تأتي من كونه يحمل تعليمات جديدة، لكن لأنه يؤكد بلهجة واضحة ارتباط هذا الملف بثلاث جهات رئيسة تتحمل مجتمعة مسؤولية الحفاظ على النظام العام وسوق العمل والصحة العامة.

منذ سنوات، كانت كل من الداخلية والعمل والأمن العام تذكّر بوجوب التزام العمالة غير الأردنية بقانون العمل وقانون الإقامة، لكن ما استجد اليوم هو الحاجة إلى توحيد الجهود، وتأكيد أن هذه الإجراءات ليست موجهة ضد جنسية بعينها، لكن تشمل جميع الجنسيات بلا استثناء، وأن الهدف الأساس هو حماية العامل نفسه قبل كل شيء.

وعندما يُسجل العامل الأجنبي مكان إقامته ويخضع لإجراءات الفحص الطبي السنوي ويلتزم بالتصاريح القانونية، فإنه يحمي نفسه من الاستغلال، ويحمي الأسر الأردنية وأصحاب العمل من المخاطر الصحية والقانونية.

إن الإقامة غير القانونية ليست مسألة بسيطة، لكن ترتبط بسلامة العامل، وحماية سوق العمل من الفوضى، وضمان التعامل الإنساني مع كل من يعمل على أراضي المملكة، حيث أوضح البيان أن القانون يلزم أي أجنبي يرغب بالبقاء لأكثر من أسبوعين بمراجعة مديرية الأمن العام أو فروعها لتنظيم إقرار رسمي يتضمن بياناته ووثائقه، بما يضمن معرفة جهة إقامته وتجنب أي تجاوزات قد تضعه أو تضع من يشغله أمام المساءلة.

إحدى القضايا التي دفعت إلى التشديد اليوم هي تزايد شكاوى الأسر من "هروب عاملات المنازل" خارج مدة الكفالة، وهي مشكلة تتكرر وتُسجّل في كل عام، وتؤثر على الأسر وعلى مكاتب الاستقدام وعلى سمعة القطاع بالكامل، كما أن انتقال العمالة المنزلية بين الأسر خارج الإطار القانوني يزيد من المخاطر الصحية والقانونية، إذ أن العاملات ملزمات بإجراء فحص طبي سنوي لضمان سلامتهن وسلامة الأسر اللواتي يعملن لديها.

الرسالة التي حملها البيان المشترك واضحة: لن يكون هناك تهاون بعد اليوم، فالعمل غير القانوني يعني مخالفة مضاعفة على صاحب العمل قد تصل إلى ضعفي قيمة تصريح العامل، وقد تبلغ في بعض القطاعات إلى أكثر من 1500 دينار.

وفي المقابل، جرى التأكيد على أن الحملات التفتيشية ستتوسع، وأن التعاون بين الجهات الثلاث سيأخذ طابعاً أكثر شمولاً وصرامة، بعد أن أسفرت الحملات السابقة عن ضبط أكثر من 5600 عامل مخالف خلال الأشهر الماضية فقط.

ما يميز هذا البيان أنه يعترف بالبُعد الأمني والإنساني والتشريعي في آن واحد، إذ إن إيواء عامل مخالف أو تشغيله هو مخالفة قانونية، لكنه أيضاً خطر صحي ومجتمعي، فالعامل المخالف لا يظهر فجأة؛ لا بد أن يكون هناك أردني يؤويه أو يشغله، وهذا بالضبط ما تستهدفه الإجراءات الجديدة: وقف الفوضى من مصدرها، ومعاقبة الطرف الذي يستفيد من تشغيل العمالة المخالفة على حساب القانون.

إجراءات لا بدّ منها، لأنها ليست تصويب أوضاع، لكن حماية للعامل والأسر، وتنظيم لسوق العمل، وترسيخ لهيبة القانون.

والأهم أنها مسؤولية مشتركة بين الداخلية والعمل والأمن العام، وهي الجهات القادرة بتنسيقها على إغلاق الثغرات في ملف العمالة المخالفة.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ