باغتنا راتبُ المحاسنة، غادرنا أبو النشمي سامر، مثل لمعة البرق الخاطفة، وَمَضَ، كما يفعل دائمًا، ولم يمهلنا لمسامرته، ولم يتح لنا أن نتوجع عليه.
نأى الرجل، الذي عهدناه خفيف الظل والدم والروح، ارتحل بعيدًا دون صخب، بكل ما في شخصيته من انسجام وهدوء واحترام،نتفجع على صديق العمر، الرائق، الشفيف، الواثق، العفيف، الهني، اللطيف، المرتب، عاشق الأرض، والزيتون، واللوز، والطابون، و»الجبجب»، والعرش، والأرض، الذي ظل متفقًا مع المجرفة والطورية في مزرعته بـ»الظَّهَرَة»، مثلما كان يدأب على طفليه سامر ومنار، وعلى تلاميذه في ضانا، وفي مدرسة أنس بن مالك بالطفيلة وعلى «مجلس إصلاح محافظة الطفيلة» الذي يؤدي دورًا وطنيًا متنوعًا جليلًا في الطفيلة.هرعت إلى مركز الحسين للسرطان، لأجد راتبًا، صديقي الوديع، لأول مرة، ذابلًا، نائسًا، يطلق عينيه في زائره، كأنه يستسمحه ويودعه، بهدوء لم أعهده في أحد من قبل.عكف ابن عمي وصديقي الصدوق راتب المحاسنة، وثابر، على نهج البناء والإصلاح والعطاء، على خطى والده الشيخ محمد بن صالح، وخطى أشقائه، أصدقائي الذين يسابقون الجميع إلى المكرمات والشيمات وإصلاح ذات البين في الطفيلة وعموم أرجاء بلادنا الحبيبة، إذ يبرز من بين رجال الإصلاح الأردنيين، بجدارة، الشيخ غالب أبو علم، شقيق فقيدنا أبي سامر.عندما شرعنا في مطلع العشرية الأخيرة من القرن الماضي، برفقة مازن الساكت، وسمير حباشنة، ومؤنس الرزاز، وزياد المطارنة، ومحمد كعوش، وأحمد الهباهبة، وسامي المصري، ومحمد القيسي، ومحمد البشير، ومنذر مكاحلة، .... في حوارات تأسيس «الحزب الوطني الديمقراطي الأردني»، كان راتب المحاسنة، أحد أقطاب الانطلاقة الوميضية.ظل أبو سامر، وأنا معه، مع جناح الوطنيين الحريصين على ان يظل الحزب حزبًا إصلاحيًا وطنيًا تقدميًا، مقابل جناح الطيبين القوميين الذين أرادوا أن يكون الحزب ذا لون مختلف، واسم مختلف، وبرنامج مختلف، هو «الحزب العربي الديمقراطي الأردني».من ألطاف الله وعطفه أن صاحبي راتب، يرحمه الله ويحسن إليه، مضى بلا عناء ولا ضناء، لم يُردَّ إلى تباريح أرذل العمر، ولا إلى معاناة المباضع، وقسوة الإشفاق !!باغتنا راتبُ المحاسنة، غادرنا أبو النشمي سامر
مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ