و أقصد هنا الأوكرانية شيوعا وسط حروب و أزمات العالم حاليا . و الضربات الأوكرانية و الصاروخية غربية الصنع ، و التوجيه اللوجستي وسط العمق الروسي المدني ، و التي طالت مدنا حدودية مثل بيلغاراد ، و روسوش ، ومدينة فارونيج القريبة من موسكو ، و العاصمة موسكو نفسها عن غير دراية ربما ، أو عن غباء ، ونعرف بأن الجيش الروسي الذي يمثل الاتحاد الروسي العملاق قادر على التصدي ، وعلى الرد العسكري أكثر قوة ، و هو الذي يجري الان هناك بعد ثلاث سنوات و أكثر على اندلاع العملية العسكرية الروسية الخاصة الدفاعية التحريرية بتاريخ 24 / شباط / 2022 ، ومنذ انقلاب ( كييف ) عام 2014 .
و روسيا ، و الحقيقة يجب أن تقال هنا ، لم تدخل الحرب الأوكرانية إلا بعد ثماني سنوات على تحركها بصورة شعبية ،و فقط بعد تحرك صناديق الاقتراع في (القرم ) و في الدونباس ( لوغانسك ، و دونيتسك ) الروسية الأصل ، و عندما نودي شعبيا من قبل شرق و جنوب أوكرانيا لأسنادهم ، وهم من رغبوا بالأنضمام لروسيا و رفضوا النظام الأوكراني الجديد علنا و علاقته المشبوهة ليس مع الغرب ( الاتحاد الأوروبي ) و إنما مع حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا ، و الرافض منذ عام 2000 ردم الحرب الباردة و سباق التسلح بعد دعوة روسيا – بوتين له وقتها . و الحرب هذه لا يجوز أن تطال المدنيين من الطرفيين المتحاربين الأوكراني و الروسي . و روسيا كما أكتب دائما ، أكرر بأنها ليست إسرائيل ، فهي لا تستهدف رموز النظام الأوكراني و لا الشعب الأوكراني الشقيق ،و إنما التيار البنديري الأوكراني المتطرف القادمة جذوره من أتون الحرب العالمية الثانية ، و تحديدا من وسط جناحه الهتلري العامل وقتها تحت مظلة جدهم بانديرا .أوكرانيا ( كييف ) مطالبة بأن تتفهم و تتقبل وضعها السيادي الطبيعي في التاريخ العميق و المعاصر ، فلقد دخلت الاتحاد السوفيتي عام 1922 من دون امتلاك ( القرم و الدونباس – لوغانسك و دونيتسك ) ،و تم الحاقهما بها بعد الاستقلال عام 1991 . و لما أن نظام أوكرانيا الجديد حينها قرر التوجه للغرب ، تجاه ( الناتو ) ، وبعد إيذاء الروس و الأوكران شرقي و جنوبي أوكرانيا الذين تعرضوا للقتل و التشريد ، تقرر في موسكو و بشكل قيادي جماعي تحريك العملية العسكرية الروسية الخاصة ، و بقرار شجاع تقدمه الرئيس فلاديمير بوتين ، و حقق نتائجا على الأرض ، فوق الطاولة الرملية العسكرية بحجم استعادة و تحرير 5000 كم و قرابة 300 قرية في العمق الأوكراني السابق .تحرص روسيا على ترجمة القانون الدولي فوق أرض المعركة ،و فوق طاولة السلام ، وهي قادرة على تقديم تفسيرات قانونية مقبولة قابلة للتطبيق ، و هي الطرف المتضرر كما غرب أوكرانيا ، و لم تبدأ الحرب بالمقارنة مع ( كييف ) ، و حركت اتفاقية إنهيار الاتحاد السوفيتي التي تمنع الدول المستقلة من الخروج عن الحياد ، و ارتكزت على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 571 التي تسمح لها بالدفاع عن سيادتها ، بينما يعتقد النظام الأوكراني بأن سيادة بلاده أوكرانيا تعرضت للخطر ، و لا بد هنا من مسك العصا من الوسط ،و الوصول لحلول يقبل بها الطرفان المتحاربان مع رفع الغرب الأمريكي يده بالكامل عن الحرب . و خطة أمريكية – روسية – أوكرانية جديدة تنادي بضرورة الوصول لحلول الوسط بقبول الطرفين و بتنازلات قد تكون قاسية ، لكن الجانب الروسي لا يقبل بإقل من السيادة العادلة ، و على الجانب الأوكراني الغربي قبول سلام الأمر الواقع بعد ظهور قيادة شرعية لديه قادرة على توقيع السلام مع روسيا . وعلى الغرب رفع يده بالكامل عن الحرب . الروس ( مسكلاي ) ، و الأوكران ( خخلي ) يعيشون معا داخل روسيا ، و في الجوار الأوكراني غربا و شرقا ، و بينهما حسب و نسب ، و علاقات اجتماعية متينة ، و تيار داخل روسيا و أوكرانيا غير مقتنع بالحرب ، و يرفض أن تكون بين الأخوة . و لو لم تدير ( كييف ) ظهرها لموسكو ، و لو لم تلحق الضرر باللغة الروسية في أوكرانيا ، و بروابط العلاقات الدينية الأرثوذكسية و زعامتها في موسكو ، و لو لم تتطاول على الإنسان الروسي ، و على ممتلكاته مثل جسر القرم ، ولو انتهجت سلوك الدول المستقلة الأخرى ، لما حدثت الحرب ، و لبقي السلام ماكثا بينهما حتى الساعة . حديثا و بتاريخ 20 نوفمبر 2025 ، صرح المفكر الروسي الكبير ألكسندر دوغين بأن الاقتراح الأمريكي الأخير بالتعاون مع روسيا و غرب أوكرانيا لتحقيق السلام وسط الحرب الأوكرانية و لايقاف الحرب ، هدفه إضاعة الوقت ، و إعاقة تقدم الجيش الروسي في ميدان المعركة . و تعليقي هنا ، هو بأن الجانب الروسي وسط العملية الروسية العسكرية الخاصة عازم على تحقيق الاهداف التي رسمتها العملية للسيطرة على المطلوب من الأراضي الأوكرانية لحماية السيادة الروسية التي من أجلها تحارب روسيا . و يعتقد الجانب الأوكراني بقيادة فلاديمير زيلينسكي و عبر تصريح له جديد من أنقرة ، بأن نظامه محتاج للحصول على أسلحة لحماية سيادة أوكرانيا . ووسط مثل هكذا زوبعة سياسية و عسكرية تستمر الحرب التي يراد لها أن لا تنتهي فعلا ، وكما جاء عنوان كتابي ( مشهد من الحرب التي يراد لها أن لا تنتهي ) .تستمر روسيا في قيادة توجه عالم متعدد الأقطاب ، و تتأمل أن تنخرط الولايات المتحدة قائدة احادية القطب فيه ، لكي يتوازن العالم في شرقه و غربه ، و ليصبح أداء القانون الدولي مختلفا و يركز على العدالة الدولية . و الأمم المتحدة تأسست بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 بجهد الاتحاد السوفيتي ، و الولايات المتحدة الأمريكية لكي لا يندفع العالم كلما وقعت أزمة عالمية أو حرب بين بلدين تجاه حرب ثالثة مدمرة للحضارات و البشرية . و السلام الذي تبحث عنه البشرية يعني التنمية الشاملة ،و الأستثمار في الموارد البشرية ، و استغلال المصادر الطبيعية لصالح الإنسان و رفعته .والدرس الذي يمكن أن نستقيه من الحرب الأوكرانية وكل ماله علاقة بأزمتها الكونية ، هو ضرورة فهم مصطلح السيادة ، و عدم تفسيره على أهواء خارج الحدود . و الهوية الوطنية لكل شعب ، هي قومية أيضا ، و الأصل أن لا تنحرف تجاه التطرف بهدف صناعة حروب جديدة متجددة .و لاتوجد حرب لم تنتهي إلى سلام ، ولا حياة للإنسان خارج الكرة الأرضية ،وكما قال لي مؤخرا في موسكو رائد الفضاء المنغولي قيراقا جوقيرديمبر علينا أن نحافظ على الأرض التي رأيتها وحيدة في الفضاء و مشعة .العتوم يكتب: الحرب لها ميدان معروف
مدار الساعة ـ