أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

جميعان تكتب: الجودة في التعليم.. نهجٌ استراتيجي نحو التميّز والاستدامة

مدار الساعة,مناسبات أردنية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتبت: المهندسة رند إبراهيم جميعان *

تُعدّ الجودة في المؤسسات التعليمية ركيزةً أساسية لتحقيق التميّز والاستدامة في العملية التربوية، فهي لا تقتصر على كونها مجموعة من الإجراءات الإدارية أو النماذج الورقية، بل تمثل منظومة متكاملة تهدف إلى تحسين المخرجات التعليمية ورفع كفاءة الأداء على جميع المستويات.

انطلقت رؤيتي في هذا المجال من دراستي الأكاديمية في الهندسة الكيميائية وإدارة الجودة الشاملة، مدعومةً بخبرتي العملية في الصناعات الدوائية ومجال التدريس، إضافةً إلى حصولي على شهادة تدريب مكثّفة في تحليل الامتحانات المدرسية وتطبيقها عمليًا لخدمة المؤسسات التعليمية. وقد قادتني هذه الخلفية المتعددة إلى دراسة عوامل عدة ترتبط بتطبيق مفاهيم الجودة في التعليم، وسبل تحويلها من نظريات إلى ممارسات واقعية قابلة للقياس والتحسين المستمر.

الهدف الأساسي من تطبيق معايير الجودة في المدارس هو تحسين المخرجات التعليمية من خلال تحديد أهداف واضحة ومعايير دقيقة تُستخدم في تقييم الأداء داخل المؤسسة، بما ينعكس إيجابًا على مؤشرات التطوير والنجاح. فإدارة الجودة ليست عنصرًا تكميليًا، بل هي ضرورة استراتيجية لضمان استمرارية التميّز التعليمي.

ولا يقتصر دور إدارة الجودة على رفع مستوى الأداء فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز رضا الموظفين وصحتهم النفسية إذا طُبّقت المعايير بشكل صحيح، وهو ما ينعكس إيجابًا على جودة العمل وفاعلية المؤسسة. كما أن العلاقة بين إدارة الموارد البشرية وإدارة الجودة وسلوك المنظمات علاقة تكاملية وثيقة، حيث تشكل هذه الجوانب منظومة مترابطة لتحقيق بيئة عمل فعّالة ومستدامة.

ومن أهم جوانب تطبيق الجودة في المؤسسات التعليمية هو دمج مفاهيم الجودة في أساليب الشرح والتوضيح داخل الصفوف الدراسية. فالجودة ليست مسؤولية الإدارة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة يتحملها جميع أفراد المنظومة التعليمية، بدءًا من الإدارة العليا ووصولًا إلى المعلم داخل غرفة الصف. ويجب على الإدارة متابعة جودة العمل من خلال تقييم الأهداف التعليمية ومخرجاتها بصورة دورية، فذلك يمثل المؤشر الحقيقي لمدى فاعلية تطبيق معايير الجودة.

كما يتطلب تطبيق الجودة تدريبًا مكثّفًا للعاملين في المناصب الإدارية والتعليمية، إذ لا تتحقق الجودة بمجرد تعبئة النماذج، بل من خلال ممارستها الفعلية واستخدام أدوات القياس والتحليل لمراجعة نتائج الامتحانات وتحسين العملية التعليمية بصورة مستمرة.

ويُعدّ تقييم كفاءة المعلم أحد أهم عناصر ضمان جودة التعليم، حيث تلعب خبرته، وأسلوبه في الشرح، وقدرته على تبسيط المفاهيم دورًا مباشرًا في رفع مستوى التحصيل لدى الطلبة. كما يساهم الامتحان التشخيصي الشامل – قبل وأثناء وبعد العملية التعليمية – في تحديد مدى تحقق الأهداف التعليمية، وتوجيه الخطط التطويرية بناءً على النتائج.

إن تدريب الموظفين ومتابعة مدى تطبيقهم للبرامج التدريبية يشكّلان عنصرًا محوريًا في تطوير عملية النقل المعرفي وتحسين جودة التعليم. ويشمل ذلك أيضًا تدريب الإدارات على تحسين الهيكل الوظيفي، ووضع وصف دقيق للوظائف بما يتوافق مع التخصصات المطلوبة، إلى جانب إعداد قوائم متابعة (Checklists) لتنظيم سير العمل وضمان فاعليته.

ومن عوامل نجاح الجودة في المؤسسات التعليمية بناء ثقافة مؤسسية تتقبل التطوير والتدريب المستمر، والعمل على سدّ الفجوات التعليمية وتحليل أسبابها لضمان التحسين المستدام. فوجود الوثائق والنماذج ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لضمان التطبيق العملي وتحقيق الفاعلية الحقيقية في الأداء.

وفي ختام المقال، أؤمن بأننا معًا نستطيع بناء أجيال قادرة على تحقيق الأهداف التعليمية من خلال التعاون والتكامل بين جميع أفراد المنظومة التربوية، وأن الجودة في التعليم ليست خيارًا، بل هي مسؤولية مشتركة ورسالة نحو المستقبل.

*بكالوريوس هندسة كيميائية – ماجستير إدارة الجودة الشاملة


مدار الساعة ـ