اختُتمت الزيارة الآسيوية لجلالة الملك، حيث حظي جلالته باستقبال حافل يليق به وبالأردن، في دلالة واضحة على المكانة المرموقة لجلالته وللدبلوماسية الأردنية. وقد جاءت هذه الزيارة المهمة والمتوقَّع أن تكون مثمرة في مرحلة إقليمية ودولية شديدة الحساسية، وسط بيئة مليئة بالتحولات وتنافس القوى الكبرى على النفوذ في آسيا والشرق الأوسط. وقد حملت الزيارة المكوكية لجلالته إلى دول آسيا أبعادًا سياسية واقتصادية وعسكرية متكاملة، عكست رؤية جلالته في تنويع الشراكات وتعزيز مكانة الأردن كدولة فاعلة ومستقرة في إقليم مضطرب.
وقد برزت خلال الزيارة ثلاثة أبعاد رئيسية:أولًا: البعد السياسيتنويع الشركاء وترسيخ الحضور الأردني الفاعل.تهدف الزيارة سياسيًا إلى توسيع شبكة علاقات الأردن مع القوى الآسيوية الصاعدة، بما يحقق توازنًا إستراتيجيًا في العلاقات الدولية، في ظل عالم يتجه نحو التعددية القطبية، حيث تشكل آسيا مركزًا لصناعة القرار الدولي في العقود المقبلة.وجاءت اللقاءات الملكية لتكثيف الحوار حول القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المحورية في الشرق الأوسط. وقد جرى التأكيد على دعم الموقف الأردني في ملف القدس والوصاية الهاشمية، باعتبار جلالة الملك صاحب الوصاية الشرعية والتاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.كما عززت الدبلوماسية الأردنية موقع المملكة كجسر يربط الشرق الأوسط بآسيا، من خلال طرح رؤية تقوم على الحلول السياسية وتخفيف التوترات، بما يعزز دور الأردن كقوة استقرار إقليمي.ثانيًا: البعد الاقتصاديفتح أسواق جديدة وجذب استثمارات وتكنولوجيا متقدمةحملت الزيارة طابعًا اقتصاديًا واستثماريًا واضحًا، حيث تركزت اللقاءات على جذب الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، إلى جانب فتح أسواق جديدة أمام المنتجات الأردنية والبحث في مشاريع البنية التحتية والنقل والتجارة.ويسعى الأردن، بجهود جلالة الملك، إلى تقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية، والبحث عن فرص اقتصادية أكثر استقرارًا في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة.كما أن الشراكات مع الدول الآسيوية المتقدمة قد تفتح المجال أمام الأردن للاستفادة من خبراتها في التعليم الرقمي والابتكار الصناعي، بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي.ثالثًا: البعد العسكري والأمنيتطوير القدرات ومواجهة التحدياتكان البعد العسكري حاضرًا بقوة خلال الزيارة، حيث شارك جلالة الملك، وبرفقته رئيس هيئة الأركان المشتركة، في عدد من الفعاليات العسكرية والتمارين في الدول التي زارها، والتي تتيح الاطلاع على أساليب حديثة في التدريب والتسليح. وتم بحث سبل التعاون في مجالات الدفاع والأمن للأسباب التالية:1. تعزيز التعاون الدفاعي مع دول تمتلك صناعات عسكرية متقدمة.2. نقل التكنولوجيا العسكرية بما يدعم الصناعات الدفاعية الأردنية المتطورة.3. تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف العابر للحدود.4. التدريب المشترك وتبادل الخبرات في المجالات الاستخبارية واللوجستية.ويأتي ذلك استمرارًا لنهج الأردن في تحديث قواته المسلحة وتطوير قدراتها بما يتناسب مع التهديدات الإقليمية المتزايدة.ختامًاعكست الزيارة الملكية الآسيوية رؤية إستراتيجية شاملة تجمع بين السياسة والاقتصاد والأمن في وقت واحد، وتؤكد أن الأردن يتحرك بثقة نحو بناء شبكة علاقات متوازنة تحمي مصالحه الوطنية وتعزز مكانته الدولية. وقد حظيت زيارة جلالة الملك والوفد المرافق له بأعلى درجات الحفاوة والاستقبال، إذ استُقبل جلالته في بعض الدول بمواكب من الطائرات العسكرية تكريمًا له، كما تم تقليده أرفع الأوسمة، في تعبير عن عمق علاقات الأردن مع تلك الدول.وتأتي هذه الزيارة لتؤكد الدور المحوري الذي يقوم به جلالة الملك عربيًا ودوليًا من أجل بناء عالم أكثر أمنًا واستقرارًا، وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية، حيث شدّد جلالته على ضرورة حلّها عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.أبو زيد يكتب: الزيارة الملكية الآسيوية… أبعادها السياسية والاقتصادية والعسكرية
العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد
أبو زيد يكتب: الزيارة الملكية الآسيوية… أبعادها السياسية والاقتصادية والعسكرية
مدار الساعة ـ