أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الوثيقة وغيابها


د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني

الوثيقة وغيابها

د.محمد يونس العبادي
د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

قبل أيام احتفلت الجامعة العربية بيوم الوثيقة العربية بصفتها شاهدًا على التاريخ وذاكرة الأمة وأحد مقومات الهوية العربية للأمة العربية ودولها الوطنية.

التاريخ يمكن وصفه بأنه أخطر النظم الاجتماعية التي ترسم ملاح الأوطان، وتشكل وجدان أي شعب، لما له من دور في صناعة مخيلة أي شعب عن ماضيه ليفهم حاضره.

ونحن في الأردن نملك تاريخاً ما يزال خصبا، من حيث الدراسة فآلاف الوثائق لم تصل لها أيدي الباحثين، بل و لم تؤسّس مدرسة تاريخيّة أكاديمية همها وعنوانها الوثيقة، والجهود حتى اللحظة لدى بعض من يصنفون بالمؤرخين لا تتجاوز حدود التبويب والنشر، بل دون توجيه لاهمية وسياق وثائقنا الوطنية ما خلق معضلة، أو قصورا في فهم الرواية (السردية) الأردنية باعتماد مصادرها على وثيقة أجنبية أو مرويات كان لها الأثر في نشر يمكن وصفه بالقاصر عن كتابة وتوثيق تاريخ بلدنا.

وهذا أمر يؤدي إلى انتاج طالب يرى رواية الأردن من زاوية ما كتب عنه، لا ما وثقته روايته، فوثائقنا الوطنية بمختلف صنوفها الرسمية والاجتماعية وصحفنا اليومية التي تمثل يوميات غنية، وحتى سير رجالات البلد، ما يزال الإقبال عليها ضعيفا من جهة التوثيق والتناول، رغم توفرها في عدد من جامعاتنا وفي المكتبة الوطنية ومراكز عدة.

فاليوم الذاكرة الوطنية باتت تعاني من غياب الاهتمام والتأطير وإن وجد اهتمام فإنه لا يتجاوز الأساليب التقليدية من ندوات ولجان وغيرها على أهميتها وهن وضعف الذاكرة الوطنية، السبب الرئيسي من الشكوى من خطاب الكراهية والتشاؤمية.

فالوثيقة التاريخية مصدر من المصادر المهمة لكتابة التاريخ؛ وقد قيل إن الوثيقة لسان التاريخ، فلا تاريخ بلا وثيقة، فما تزال الدعوة مفتوحة اليوم لباحثينا ومؤرخينا للإقبال على الوثيقة.

خاصة أننا في زمن يتغير فيه العالم ويقدم كل شعب روايته الوطنية استنادا إلى مصادره بداية، وسيرته، ثم ينطلق إلى الاشتباك في ما لدى الاخر وما كتب ووثق، وحتى لا نبقى ندور في فلك روايات آخرين عنا، رغم أننا بذلنا واشتبكنا مع قضايانا القومية بموقف صادق، على مدار مئة عام وأكثر من تاريخ الأردن.

ألم يحن الوقت لنتحرر من المدرسة التقليدية في الكتابة التاريخية لعقود لم يتمخض عنها سوى مدونات محرّرة وشروحات.

وكذلك ألم يحن الوقت بأن يؤسس في المملكة مؤسسة مستقلة تعنى بالوثائق الوطنية (الأرشيف) أسوة بالدول المتقدمة في مجال العناية والمحافظة على وثائقنا الوطنية.

لقد حان الوقت لمواكبة التطورات العالمية في مجال جمع وحفظ الوثائق لخدمة المؤرخين والكتابة والبحث بسردية مشرّفة لتاريخ عظيم من خلال وثائقنا الوطنية.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ