أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

هل يتبنى النواب نهجاً جديداً في مناقشة الموازنة؟


فهد الخيطان

هل يتبنى النواب نهجاً جديداً في مناقشة الموازنة؟

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

ما دار تحت القبة من سجالات نيابية في القراءة الأولى لمشروع قانون الموازنة العامة للسنة 2026، هي بيانات موجهة للرأي العام، لا تعكس المسار الذي يتخذه مشروع القانون بعد ذلك.

النواب على دراية كاملة، عندما يطالبون بزيادة الرواتب، أنه لا مجال دستوريًا لهم لزيادة النفقات في القانون، وكذا الحال مع مطالب أخرى لا تتصل أبدًا بمشروع القانون، وتحتاج لمناسبة أخرى لمناقشتها.

لكن حتى المناقشات المستفيضة، لاحقًا في اللجنة المالية للنواب، تستمر بنفس الوتيرة التقليدية التي اعتدنا عليها لسنوات طويلة، في وقت لم يعد المسار العام للاقتصاد الوطني يمضي على نفس الطريق.

منذ إقرار رؤية التحديث الاقتصادي قبل أربع سنوات، اختلفت بشكل جذري منهجية عمل الدولة على مستوى السياسات المالية والاقتصادية، وتبدلت الأولويات والمهمات القادمة. ولا يمكن في هذا الصدد أن نتجاهل مسار التحديث الإداري، الذي أرسى نهجًا جديدًا للتعيينات في القطاع العام، وتقييم الأداء، والانتقال السريع نحو رقمنة الخدمات الحكومية على نطاق واسع.

مناقشات اللجنة المالية في مجلس النواب، لمشروع قانون الموازنة، ينبغي أن تساير هذه التحولات.

تنفيذ برامج التحديث الاقتصادي ليست مسؤولية الحكومة فقط، فهي رؤية للدولة، ومجلس النواب التزام في رده على خطاب العرش السامي، بمراقبة مدى التزام الحكومة بتنفيذ هذه الرؤية، والبرامج المقررة للسنوات الثلاث المقبلة. وكان هذا مطلب الملك من مجلس الأمة في الخطاب.

جلسات الاستماع التقليدية للوزارات والمؤسسات، هي في الحقيقة مضيعة للوقت، خاصة وأن إرادة المؤسستين التنفيذية والتشريعية تلاقت على ضرورة إقرار مشروع القانون قبل نهاية العام، لضمان عدم التأخر في تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية الواردة في الموازنة.

المقترح هنا هو توجيه المناقشات وفق أولويات برامج التحديث الاقتصادي، ومدى التزام الموازنة في تحفيز النمو الاقتصادي، استنادًا لمحركات الاقتصاد الثمانية التي اعتمدتها الرؤية. هذا يعني تنظيم جلسات مناقشة قطاعية، وليست على شكل مؤسسات ووحدات إدارية أو وزارات.

المحركات الثمانية للاقتصاد معروفة للسادة أعضاء اللجنة المالية، ويمكنهم إجراء قراءة لبنود الموازنة في شق الإنفاق الرأسمالي، لمدى مطابقته لأهداف الرؤية في تلك القطاعات، وذلك بمراجعة دقيقة مع أصحاب القرار في هذه القطاعات والمختصين من القطاع الخاص، وتقديم توصيات ملزمة للحكومة تضمن تجويد البرامج التنفيذية، خاصة في الشق المتعلق بتنفيذ المشاريع الكبرى في قطاعات المياه والطاقة والنقل والصحة والتعليم.

كما يمكن عقد جلسة موسعة مع المسؤولين والخبراء لتقييم قدرة الموازنة على تحفيز النمو وتحقيق النسب المستهدفة. ولا بد أيضًا من تنظيم جلسة مطولة لتقدير مساهمة مشاريع الموازنة الرأسمالية، وهي الأعلى قيمة هذه المرة، في تخفيض معدلات البطالة والفقر، وإلزام الحكومة بتقديم برنامج تفصيلي لمراحل تنفيذ المشاريع الكبرى خلال العام المقبل وفرص العمل المتوقع توفيرها في هذه المشاريع. وفي إطار رؤية التحديث، من الضروري أيضًا عقد جلسة نقاش لملف المديونية وتقييم ما تعهدت فيه الحكومة من سياسات لخفضها في السنوات المقبلة.

هذا المسار من المناقشات أكثر جدوى وأهمية من جلسات الاستماع المعهودة، ناهيك عن اختصار وقت المداولات في اللجنة لأقل من أسبوعين، وتقديم حزمة توصيات قوية وغير تقليدية لتبنيها من قبل مجلس النواب، عوضًا عن ماراثون من الجدل الذي لا يكترث له الرأي العام.

باختصار، لا بد من إعادة توجيه النقاش العام حول أهم قانون على نحو ينسجم ونهج الدولة الجديد، وخطوة كهذه لا يقدر عليها سوى مجلس من نتاج التحديث، يمثل أكبر الأحزاب في الأردن.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ