أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العتوم يكتب: روسيا ليست إسرائيل


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: روسيا ليست إسرائيل

مدار الساعة ـ

روسيا الاتحادية العظمى التي أعرفها عن قرب، ودرست في جامعة موسكو الحكومية العريقة، وصاهرتها، وعرفت حضارتها، وأدبها الروسي العالمي، لم تمارس الاحتلالات يوما في تاريخها العميق والمعاصر، ووضعت عينها على الانتصارات فقط، ومارست الدفاع عن سيادتها، ودفعت أثمانا باهظة على مستوى الشهداء، ومواجهة الغزوات. وكلنا نعرف تاريخ الأمبراطورة كاترين الثانية العظيمة وانتصارها بإسم روسيا في حرب القرم الثانية 1774 / 1783 وقبول معاهدة (كيتشوك كاينارجي) لتأكيد النصر من أجل القرم وأحقية التتار، والروس، وغيرهم من شعوب المنطقة فيه.

و انتصرت روسيا ثانية على غزوة نابليون بونابارت لروسيا عام 1812، وطردت النازية الألمانية بقيادة أودولف هتلر في الحرب العالمية الثانية عام 1945 وبفاتورة من الشهداء إلى جانب السوفييت بلغت 28 مليون شهيد.

وهاهي روسيا ماضية تجاه النصر الأكيد على نظام أوكرانيا البنديري بقيادة فلاديمير زيلينسكي المنتهية ولايته، وعلى حلف (الناتو) مجتمعا، متسلحة بقوة تفسيرها للقانون الدولي عبر اتفاقية انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، ومادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 571، واعترافها بنتيجة صناديق الاقتراع في القرم، والدونباس (لوغانسك، ودونيتسك) ، وبقرارها الجماعي رفيع المستوى والشجاع الذي تقدمه الرئيس فلاديمير بوتين بتحريك العملية العسكرية الخاصة الدفاعية، الاستباقية، الدفاعية، التحريرية، والتمكن لغاية اللحظة من تحرير وليس احتلال كما يشاع في العاصمة (كييف) وعواصم الغرب الأمريكي التي تقود (الناتو) حوالي 5000 كم، وقرابة ثلاثمائة قرية.و قابل نصرها الحديث فشل التحالف الأوكراني الغربي ومع الغرب في تحرير شبر واحد مما حررته روسيا. وشهداء من الطرفين المتحاربين، وبرقم كبير ليس لصالح غرب أوكرانيا.

و اعترف الاتحاد السوفيتي بإسرائيل عام 1947، أولا في زمن الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين بهدف تحويل منطقة الشرق الأوسط لميدان للفكر الاشتراكي والشيوعي، لكن إسرائيل لم تصبح اشتراكية ولا شيوعية، وتراجع ضوء الاشتراكية في العالم العربي، في العراق وسوريا تحديدا. وفي الوقت الذي وجه ستالين اليهود للتوجه من باراذبيجان الروسية وغيرها تجاه القرم على شاطيء البحر الأسود، وسخالين على حدود اليابان، وعرض عليهم هتلر الذهاب للعيش في مدغشقر، عاد اليهود لتوارتهم المزورة وحاخاماتهم الخرف للبحث عن هيكل سليمان في فلسطين، وهو الذي لم يعثروا عليه حتى وقتنا هذا، وتحول بحثهم إلى سراب. والأكثر خطورة هو تقليد اليهود لسلوك أودلف هتلر الذي نصب لهم محرقة لهلاكهم وشعوب أوروبا الشرقية وفي أسيا. فأصبحت إسرائيل في عالم اليوم ترند لجريمة الحرب في قطاع غزة في زمن تخاذل المجتمع الدولي الذي ملأ الدنيا صراخا من دون فعل.

و تحولت إسرائيل لنظام عنصري (أبرتايد) يمارس الاستعمار، والاحتلالات، والاستيطانات، والسلوك النازي ضد الفلسطينيين أصحاب القضية العادلة. ويطرح فكرة استعمارية فاشلة ترسم ملامح إسرائيل في المستقبل البعيد، لكن فلسطين باقية هي الكبرى من النهر إلى البحر، والتاريخ سينصفها يوما ما. وفي موضوع الحرب الأوكرانية شيوعا، والتي قادها التيار البنديري الأوكراني المتطرف القادمة جذوره من أتون نظام أودلف هتلر عبر جدهم بانديرا، وعبر الثورات البرتقالية، وانقلاب (كييف) عام 2014، وبجهد خبيث لرئيس وزراء بريطانيا باريس جونسون وقتها، وسلوك مماثل للرئيس الأمريكي جو بايدن، وإبنه هانتر، ذهبت إسرائيل لموازنة سياستها الخارجية مع روسيا بسبب العمق الروسي ومنه اليهودي الديمغرافي وسط إسرائيل والجيش الإسرائيلي، وبحكم حاجتها لروسيا في مجالات التعاون التكنولوجي، والفضائي، والعسكري، والاقتصادي.و اتفاقية تجارية نشطة تعود لعام 1994، وحجم تبادل تجاري بعد عام 2006 وصل إلى 2 مليار دولار. واتصالات دائمة بين الرئيس بوتين ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ساهمت في عدم تدخلها في شأن الحرب الأوكرانية، والأكتفاء في متابعة شأن المهاجرين اليهود من أوكرانيا، وجمع العون المادي للشعب الأوكراني القاطن في العاصمة (كييف) ، وفي الجناح الغربي الأوكراني.

ورغم الموقف الروسي الثابت في المقابل من عدالة القضية الفلسطينية الواجب أن يفضي لبناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس، ونداءات روسيا عبر السياسة والدبلوماسية لوقف الحرب على غزة مقابل الأفراج عن كافة أسرى إسرائيل لدى حماس، وكافة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، إلا أنها، أي إسرائيل فضلت الأستماع لصوت الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا للرئيس غير السياسي دونالد ترامب اللذان زوداها بالأسلحة الفتاكة التي سحقت ما يقارب مائة ألف فلسطيني نصفهم من الأطفال بحجة السابع من أكتوبر عام 2023 الذي نسجته قيادات حماس، وحزب الله، وإيران، ردا على 77 عاما من احتلال إسرائيل لفلسطين والأراضي العربية. وجاء العقاب الإسرائيلي للشعب الفلسطيني المناضل فقط لأنه انتخب حماس – حركة التحرر الفلسطينية، العربية، الإسلامية، وتم تحميله كامل مسؤولية أكتوبر.

لو تعاملت روسيا مع نظام أوكرانيا بقيادة زيلينسكي كما تعاملت إسرائيل مع الفلسطينيين والعرب لحسمت معركة أوكرانيا مبكرا، لكن روسيا لا تستهدف نظام أوكرانيا ولا الشعب الأوكراني غرب أوكرانيا وتحاوره، وتحاول اقناعه بسلام الأمر الواقع العادل بالنسبة لها، وهي التي لم تبدأ الحرب. والنظام الأوكراني المتعاون لوجستيا وعسكريا مع (الناتو)، ومن بدأ الحرب عبر حرب شعبية مع المكون الأوكراني والروسي بداية ثماني سنوات راح ضحيتها الاف وشرد غيرهم، ثم عاونها (الناتو) بصورة غيرمباشرة وغير مبررة. وروسيا بالمناسبة لم تقبل بالأذى للروس وللأوكران شرقي أوكرانيا وجنوبها لذلك حركت صناديق الاقتراع والحرب الدفاعية وانتصرت. لكن الغرب مصر على احباط الانتصار الروسي، ويحرك عبر (كييف) المسيرات الغازية للعمق الروسي، والتي تتصدى لها روسيا بقوة.

وفي المقابل أيضا تنتهج (كييف) سلوك إسرائيل في التطاول على الإنسان الروسي المسالم، وتستهدف محطاته النووية السلمية بالتعاون مع اللوجستيا الغربية، وجسوره وفي مقدمتها جسر القرم، وسابقا نشرت أمريكا – هانتر بايدن مراكز بيولوجية متخصصة بصناعة كورونا ونشرها في المنطقة السلافية، والشروع بإنتاج أكثر من قنبلة نووية، لكنها روسيا العظمى، الأقوى جيشا وبحرية في العالم، وعلى مستوى السلاح النووي، والانتاج النووي السلمي، وعلى مستوى الفضاء، تقبل التحدي، وتبحث عن النصر العادل.

وفي الختام هنا، وحتى لا أطيل عليكم فإن روسيا تتقدم (كييف) ودول الغرب الأمريكي في الدعوة للسلام من أجل إنهاء الحرب الأوكرانية، ودعت زيلينسكي للقدوم بأمان إلى موسكو لمحاورته، ولأقناعه بإيجاد بديل شرعي له لكي يوقع السلام، وفي العمق (اتفاقية مينسك 2015) ، واتفاقية عام 2022 في أنقرة، و2025 في إسطنبول، ولازالت اليد الروسية ممدوة للسلام وللعودة بأوكرانيا إلى ما قبل عام 1991.

مدار الساعة ـ