يبدو أنّ إسرائيل تسعى لتغيير ملامح وشكّل النظام الإيراني قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
كما أنّ إيران تسعى لإنتاج المزيد من الصواريخ في إطار جاهزيتها.الشرق الأوسط يختنق اليوم برائحة الحرب، والجميع مقتنع بأن الصدام الكبير بين إسرائيل وإيران هو مسألة وقتٍ فقط.إسرائيل التي هي تتجهز كما هي إيران تكدسُ الصواريخ؛ فالمواجهة بينهما ليست مواجهة بين دولتين فقط، وإنما بين زمانين. بين زمان المرشد الإيراني علي خامنئي الذي شارف على النهاية وزمن رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يصارع للبقاء، وتغيير وجه الشرق الأوسط كما يدعي قبل نهاية زمن ترامب.تل أبيب وضعت هدفًا أمامها وهو إسقاط النظام الإيراني قبل أن تنتهي ولاية ترامب الثانية في العام ألفين وتسعة وعشرين.إسرائيل تريد الاستفادة من الغطاء السياسي والأمني غير المسبوق من واشنطن، خاصةً قبل الانتخابات النصفية الأميركية والتي تشي بخطر فقدان ترامب للغالبية في الكونجرس، مع ما يحكى من تراجع شعبيته في الداخل الأميركي.ما تتداوله الصحافة العبريّة بشأن رغبات تل أبيب ومساعيها للعمل لإسقاط النظام الإيراني، تأتي في ظل تقارير أميركية تقول بأنّ إيران تبني منشأة تخصيبٍ جديدة في جبل بيكاكس على بعد كيلو متر واحد من موقع نتونس من دون السماح لمفتشي الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة من الوصول إليها. والحديث هنا عن جبل الفأس الذي يصنفُ على أنّه الأخطر حتى من فوردو ونطنز.حرب الإثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل تكاد لا تذكر أمام ما سيأتي. التحليلات تشير إلى أن تجدد الحرب بين الطرفين قائم لا محالة. والسؤال هو متى تحديدًا؟.صحيفة نيويورك تايمز تؤكد بأن إيران تستعد لإطلاق ألفي صاروخ دفعةً وحدة على إسرائيل في الحرب المقبلة بدلًا من خمسمائة في حرب حزيران بهدف شل الدفاعات الإسرائيليّة.وتقول الصحيفة الأمريكية أنّ إيران تصل الليل بالنهار لمضاعفة إنتاج الصواريخ.في جميع الأحوال من المعروف عن إسرائيل إذا نجحت على المستوى العسكري والاستراتيجي لا تنجح في المقابل في ترجمة نجاحها على المستوى السياسي. فحتى لو سلمنا جدلًا بأنّها تفوقت في الضربات الجويّة ووجهت ضربة قاسمة للنظام الإيراني؛ فلن يكون ذلك وحده كافيًا لإسقاطه دون وجود قوى محليّة تقدم البديل لتجنب الفوضى.يعني أي سيناريو ستتخذه إسرائيل؟ هل ستدعم إنقلابات داخل الجيش الإيراني أم ستلجأ إلى تسليح مجموعات معارضة مثل مجاهدي خلق؟ أم هل تهيء ولي عهد إيران السابق رضا بهلوي وتعيد زمن الشاه؟ أم تلعبُ على ورقة الأقليات مثل الكرد والتركمان والعرب وغيرهم؟ وهل يكون التقسيم ما تطمحُ إسرائيل لتنفيذه؟.الولايات المتحدة الأميركية اليوم ترى بأنّ إيران جزء من حلقة المحور الشرقي التي ينبغي كسرها بين الصين وروسيا، وبالتالي فإن هذا القرار هو الذي ربما سيدفع باتجاه جولة الحرب الثانية التي قد تكون الأخيرة.وكأن إيران تستعد للحرب المحتملة أو لجولة الحرب الثانية مع إسرائيل ببناء ملاجئ جديدة في العاصمة طهران. وهذا ما تم الإعلان عنه من قبل رئيس مجلس بلدية طهران الذي قال بأنّ هناك ملاجئ مخصّصة يتم الإعداد لها وتجهيزها لاستخدام الإيرانيين لها في حالة الهجوم العسكري الإسرائيلي؛ وهذا يعني في خلفية العقل الإيراني مؤشرات على أن هذه المواجهة العسكريّة مع إسرائيل قد تفتح من جديد.إسرائيل تتطلع لاستغلال الفجوة الكبيرة في الشارع الإيراني بين المواطنين والسلطات التي أخذت تتسع حسب آخر استطلاعات الرأي؛ جرّاء زيادة الإنفاق العسكري، مقابل تراجع القدرة الشرائيّة وارتفاع معدلات البطالة والفقر.إيران التي طالما أمدّت وكلائها في المنطقة بالمال والسلاح تعاني الويلات بعد استهداف أعوانها في اليمن من قبل إسرائيل، وكذلك سلسلة الضربات الإسرائيليّة الأميريكية التي تلقتها في حزيران الماضي، فضلًا عن تمسك الدولة اللبنانيّة بموقفها تجاه حصريّة السلاح بيد الدولة ضمن جدول زمني.كل ذلك يأتي في وقت أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بأنّ قواته أصبحت جاهزة لشن ضرباتٍ قاسمةٍ واستباقيةٍ لحزب الله في لبنان ويؤكد بأن الجيش الإسرائيلي بات في جهوزيةٍ عاليةٍ وكأن الحرب ستشنُ غدًا.رئيس الأركان تقدم بطلبٍ عاجلٍ لوزارة الماليّة الإسرائيليّة للحصولِ على ميزانيةٍ طارئة لتأمين طائراتٍ حديثةٍ في الشمال، ومضاعفة عددها بعدما أنهت القوات الإسرائيليّة تدريباتٍ حربية جديدة قرب الحدودِ مع لبنان.ماذا ينتظر جبهة لبنان إسرائيل ؟ كيف تستعدُ بيروت للمواجهة الجديدة التي تبدو بأنّها محسومة مع إسرائيل؟وماذا سيفعل حرب الله وستفعل إيران التي أمدّت الحزب بالترسانة العسكرية خلال العقود الماضية؟إيران اليوم تشدد داخليًا قبضتها خوفًا من شرارة جديدة، وتعيش لحظة توترٍ أبعد من الحرب والعقوبات.السلطة تعتمد سياسة مزدوجة بين تخفيف القيود الاجتماعية لامتصاص الاحتقان، وتشديد القمع السياسي في الخفاء لردع أي محاولة غضبٍ جديدة.المؤسسة الحاكمة تتخوف من فقدان السيطرة خصوصًا مع زيادة الضغط الدولي على طهران في ملفات برنامجها النووي ودورها الإقليمي.في الظاهر في إيران انفتاح اجتماعي مع تشديد على المعارضة السياسيّة. فكيف يمكن فهم هذا الواقع الجديد في إيران؟ومما يخشى النظام الإيراني في المرحلة المقبلة؟