أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الملك لأول مرة في فيتنام


سلطان الحطاب

الملك لأول مرة في فيتنام

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

الكثير من الأردنيين احبوا فيتنام، وظلوا يتعاطفون معها وخاصة الأجيال التي عرفت الحرب الأمريكية على فيتنام المدعومة آنذاك من الصين والاتحاد السوفيتي، وانتصرت فيتنام، وبرز دورها كدولة وقدرة وحركة تحرر كبيرة مؤثرة، انتزعت استقلالها بالبنادق ووحدت شطري الوطن، هانوي، عاصمة الثورة في الشمال، وسايغون العاصمة في الجنوب، ورحل الأميركيون مذعورين من على سطح بناية في السفارة الأميركية مع سفيرهم وظلت فيتنام حرة، ولكنها كانت مدمرة مرهقة عانت الكثير وخسرت ملايين من القتلى والجرحى والبنية التحتية.

نهض الفيتناميون من الدمار لبناء وطنهم وصنعوا المعجزات في ذلك، وتحولت فيتنام الى دولة حيّة صناعية ومنتجة ومنفتحة، وأصبحنا نرى الليبل الملصق على ملابس مصنوعة في فيتنام في مختلف انحاءالعالم.

وعادت زراعة الارز والشاي والاكتفاء الفيتنامي.

لم ينم الفيتناميون الذين تعاطف معهم العالم في حرب تحريرهم، وكان في مقدمة الشعوب التي ناصرتهم الشعب الأمريكي نفسه الذي تظاهر بالملايين من أجل انهاء الحرب، وما زالت صورة الفتاة الفيتنامية التي شب فيها حريق النابالم وهي تركض عارية في الشارع وسط الجنود الأمريكيين، عالقة في الاذهان وسبباً أساسياً في تحول الرأي العام الأمريكي باتجاه الانسحابات

كانت الثورة الفيتنامية صادقة ونظيفة، وكان من رموزها المرموقين هوشي منه وجنرال جياب، أما الفتاة التي حركت ضمير العالم فكان اسمها، ثي كيم فوك، أنها فتاة النابالم، وقد تكررت مثل هذه المأساة في حرب الابادة الاسرائيلية على غزة، مع الطفلة هند رجب، التي احرقت بالرصاص في سيارة متوقفة دون انقاذها وكان عمرها ست سنوات، قتلت بعد أن نجت من نيران الدبابات وهي من حي تل الهوى، وفاز الفيلم الذي انجز عنها.

حرر الفيتناميون العاصمة الجنوبية سايغون، وشكلوا جمهوريتهم الاشتركية، ولم يذهبوا الى النوم تحت يافطات المنتجات من الكولا، وغيرها بل استبدلوا ذلك بصناعات مميزة ودخلوا مرحلة من التصالح مع انفسهم ومع الآخرين ومسحوا آثار العدوان وعادوا الى ثقافة وطنية متماسكة، ولكنهم لم يعرفوا الانعزال ولا العداء والكراهية، بل انفتحوا على كل الشعوب وتعاملوا معها بما فيها الغرب الاستعماري وحتى الولايات المتحدة الأمريكية التي حاربتهم لسنوات وفاوضوها بشجاعة في باريس وحين وصل وفد المفاوضات الفيتنامي الى باريس، ليجد أن الأمريكيين قد حجزوا له فندق فخم، فاعتذر وذهب الوفد لينام عند طلاب فيتناميين يدرسون في الجامعة، ويرسلوا درساً لخصومهم.في النظافة والاعتماد على النفس

أعود إلى زيارة الملك لفيتنام وهي دافعي للكتابة في الموضوع، ذلك ان جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله، زار هذا البلد ضمن زيارة الملك، الآسيوية التي شملت اليابان وستشمل سنغافورة واندونيسيا وباكستان، لتعزيز التعاون بين الاردن وهذه الدول، وخاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار.

وتأتي هذه الزيارة الملكية لفيتنام كأول زيارة لجلالة الملك، لهذا البلد الواعد، وكانت العلاقات الأردنية الفيتنامية قد أقيمت في شهر اغسطس، آب، عام 1980، وتتولى السفارة الأردنية في سنغافورة مسؤوليتها عن فيتنام، كما أن سفارة فيتنام في الامارات تتولى مسؤوليتها عن التمثيل في الأردن.

لقد صعد حجم التبادل التجاري بين الأردن وفيتنام، في السنوات الأخيرة وسجل عام 2024، حجم تجارة ثنائية زاد عن 188 مليون دولار أكثرها صدرتها فيتنام للأردن من منتوجات زراعية ومائية والكترونية واقمشة ومواد كيماوية وخشب، وتأخذ فيتنام منتجات وأسمدة ومواد كيماوية.

ولدى الأردن الآن في عام 2025، 5 مشاريع استثمارية عاملة في فيتنام حيث الأردن في سجل الدول المستثمرة في فيتنام.

وهناك اتفاقيات أردنية فيتنامية في مجال النقل الجوي وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري موقعة من عام 1997، ويتبادل البلدان الدعم بانتظام في المحافل الاقليمية والدولية، وقد بدأ الكثير من الأردنيين السفر الى فيتنام بحثاً عن فرص استثمار وتجارة وحتى سياحة.

يستقبل الملك بحفاوة شديدة في فيتنام، لتقدير الفيتناميين لدوره في خفض التصعيد في الشرق الأوسط وحرصة على الامساك بعملية سلام عبر حل الدولتين، كان وما زال يروج لها في المحافل الدولية، وحيث تناصر فيتنام قضية الشعب الفلسطيني وتقف الى جانبه في مختلف حلقات الصراع.

سيلتقي الملك مع الرئيس الفيتننامي لونغ كونغ، ومع رئيس الوزراء، فام منية تشينه، ومع عدد من كبار المسؤولين، وسيحضر الملك فعالية منتدى الأعمال الأردني الفيتنامي الذي يشارك فيه الأردنيون من القطاع الخاص بدور ملموس وستكون هناك جلسة حوارية مع الفيتناميين لبحث تأسيس شراكة في قطاع الأبسة التي اشتهرت في فيتنام.

الملك ومن خلال توجيهه للقطاع الخاص الأردني حث الأردنيين على تعزيز استقطاب استثمارات أجنبية لدعم الاقتصاد الأردني وتنويع الشراكات فيه، وهذه كفيلة بخلق فرص عمل بالالآف خلال السنوات الخمس القادمة من عمر هذا البرنامج ستتناول قطاعات التكنولوجيا والطاقة والصناعة والخدمات.

الفيتناميون لم ينسوا مأساة احتلال بلادهم والعدوان عليها، لكنهم لم يحولوا ذلك الى عقدة تمنعهم من المستقبل والبناء فيه، وعدد سكان فيتنام الآن يزيد عن 100 مليون نسمة الأكثرية من النساء، وفيها أقلية مسلمة، هي أقلية (التشام) وغالبية ديانة فيتنام بوذية، وفي فيتنام 62 مسجداً.

وفيتنام أصبحت من الوجهات السياحية المرغوبة لانخفاض كلفة المعيشة فيها، ويمكن للسياح الوقوف على ضريح البطل الفيتنامي الثوري، هوشي منه،.

بقي أن أقول ان الرسالة الملكية من الزيارة لفيتنام واضحة وجلية ولها تاثير في الموقف الفيتنامي الايجابي من قضايا الشرق الأوسط وفي تاكيد الاعتراف بدولة فلسطين.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ