لقد فاز الملياردير دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن الحزب الجمهوري أول مرة عام 2016 ، و حدث انقلاب ( كييف ) عام 2014 الذي هدف وقتها لاجتثاث الحضور الروسي من الاراضي الأوكرانية غربا و شرقا و جنوبا عبر التخلص أولا من نظام فيكتور يونوكوفيج الموالي لروسيا و الذي لم يتمكن من الاحتفاظ بالسلطة ، و تقرر في موسكو ترحيله إليها ، ووقتها لم نسمع صوتا للرئيس ترامب كما بدأنا نسمع حول الحرب الأوكرانية التي دخلت مرحلة جادة جديدة بتاريخ 24 شباط 2022 ، و بعد ثماني سنوات من الحرب الشعبية التي شنها نظام ( كييف ) ضد من رفض الانقلاب شرقا و جنوبا ، و شروط ( كييف ) بالانضمام قسرا لنظام العاصمة الأوكرانية ، و التسبب بمقتل الالاف و تشريد غيرهم . و استقلال أوكرانيا عام 1991 تعمدت ( كييف ) و عواصم الغرب الأمريكي عدم فهمه رغم خصوصيته السوفيتية و الروسية .
لقد بني الاتحاد السوفيتي عام 1922 طوعا بعد نجاح الثورة البلشفية عام 1917 بقيادة فلاديمير لينين و دحرها للنظام القيصري أنذاك .و لم تكن تملك أوكرانيا من الجغرافيا ما ملكته بعد استقلالها مثل إقليمي ( القرم و الدونباس -لوغانسك و دونيتسك ) ، و خطوة الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف الأوكراني الأصل عام 1954 بضم القرم لأوكرانيا كان في زمن كانت فيه العائلة السوفيتية واحدة متماسكة ، و بقي الأمر كذلك حتى عام 2014 ، أي ستون عاما ، و بعد انقلاب ( كييف ) غير الشرعي بالنسبة لموسكو ،و بعد حراك التيار البنديري المتطرف لتوجيه بوصلة أوكرانيا تجاه الغرب و حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا و للحلف السوفيتي السابق ( الدول المستقلة ) ، حركت روسيا صناديق الاقتراع أولا في القرم ، و توسعت بنشرها في الدونباس ، و حصلت على نتيجة لصالح الانضمام لروسيا و رفض التعامل مع نظام ( كييف ) . وفي المقابل ارتكزت روسيا على بنود اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 التي منعت الدول المستقلة عقد تحالفات مع معسكرات معادية مثل ( الناتو ) ، و عادت روسيا لمادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 571 التي تسمح للدول المعتدى على سيادتها مثل روسيا التي لم تبدأ النزاع و لا الحرب مع أوكرانيا الدفاع عن نفسها ، و هو ما فعلته بتحريك العملية العسكرية الخاصة الاستباقية ، الدفاعية ، التحريرية عام 2022 بعد تصويت جماعي لمجلس الأمة ( الأعيان و النواب ) ، و بعد توقيع رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ، و بخطوة شجاعة دخلت التاريخ المعاصر . لم يحالف الحظ دونالد ترامب بالفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن الحزب الجمهوري عام 2020 ، بينما فاز منافسه جوبايدن ، و اتهم منافسه بتزوير الانتخابات ، و في عام 2021 اقتحم مناصروه مبنى ( الكابيتول – الكونغرس ) احتجاجا على نتيجة الانتخابات التي لم تظهر لصالح الجمهوريين ، و تم ضبط حراكهم لاحقا .وفي عام 2024 عاد ترامب ليفوز مجددا و احتفظ بلقب رجل الأعمال الثري ، و لم يكن سياسيا يوما ما ،و عرفته العاصمة موسكو تاجرا في مجال عروض ملكات الجمال منذ عام 2013،وطامحا لبناء ناطحات السحاب وسطها ، و هي العاصمة الجميلة العملاقة التي تمكنت لوحدها مؤخرا من بناء منطقة ضخمة من ناطحات السحاب زرتها أكثر من مرة ، و هي على مساحة تقدر ب 18 مليار روبل ، و تتوسع بشكل مستمر عبر التخلص من البنايات القديمة و متوسطة الاعمار ، و من خلال التوسع في نشر محطات الميترو لتشمل كافة أركان العاصمة .لا يجوز ربط التفوق النووي في كلا القطبين العملاقين الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الروسي بمخرجات الحرب الأوكرانية شيوعا . وفي الوقت الذي تتفوق فيه روسيا نوويا عسكريا و حتى مدنيا على دول العالم العظمى ، لايحق للولايات المتحدة الأمريكية عبر شخص ترامب تكرار بأن بلاده تتفوق على روسيا و الصين نوويا عسكريا . و في المقابل العالم بمعنى الكرة الارضية محتاج لمواصلة البناء و للتنمية الشاملة و هو غير محتاج لتدميره بحرب عالمية ثالثة لا يحمد عقباها تكون مدمرة للحضارات و البشرية. و إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على التحالف النووي مع الاتحاد الأوروبي ، و ربما الباكستان ، و كوريا الجنوبية ، فإن روسيا لديها قدرة التحاف مع الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي ، و الصين ،و الهند ، و كوريا الشمالية .و العالم في المقابل ليس محتاجا للتحالفات و الحروب بقدر حاجته للسلام و التنمية ، و الحوار، و الديمقراطية .وعندما زار الرئيس بوتين ترسانة بلاده النووية مؤخرا و شاهد تجربة اطلاق صاروخ عابر للقارات ، و أعلن بعدها عن اختراع بلاده لنوعين من الصواريخ الفريدة من نوعها ) بو سيدون و بوليفيسنيك ) ، قصد اظهار قوة بلاده روسيا الاتحادية فقط ، و لم يلمح حتى لاستهادفه لأي دولة عالمية عظمى ، و أعلن لافروف وزير الخارجية بأن روسيا تدرس توجيهات الرئيس بوتين بشأن تصريح ترامب الأخير في مجال التجربة النووية التي أعلن عنها بنفسه ، ووصف مندوب روسيا في الأمم المتحدة و مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا تصريح ترامب في الشأن النووي بالخطير و الواجب مواجهته . وقابل خطوة الرئيس بوتين تلك إعلان الرئيس ترامب عن رغبته بإجراء تجريب نووي حي في بلاده أمريكا دون الانتباه لخطورة مثل هكذا خطوة غير محسوبة نتائجها . و على إثرها اجتمعت القيادة الروسية التي مثلت بحضور الرئيس بوتين كافة السلطات العسكرية ، و الأمنية ، و السياسية رفيعة المستوى لتدارس الأمر ، و اقترح قائد الجيش الروسي قيراسيموف اتخاذ خطوة مناسبة في وقتها قبل ضياع الوقت . و لا حظت بعدها تراجع الرئيس ترامب عن خطوته في مجال التجريب النووي ، و برغبته في ايجاد حل منطقي للحرب الأوكرانية بعد تقريب وجهات النظر و المواقف بين الرئيس بوتين و الرئيس المنتهية ولايته زيلينسكي . و سبق أن تراجع ترامب عن تزويد نظام زيلينسكي بصواريخ توما هوك ، أو السماح لأمريكا بتوجيه هذ ا النوع من الصواريخ بعيدة المدى ، ثم جرى حديث مشترك بين ترامب و زيلينسكي حول توفر الصواريخ هذه في أوروبا و انتهى الأمر إلى سراب .قناعتي الشخصية من جديد تقول، هو بأن الاتحاد الأوروبي ، و في صدارته بريطانيا ، و فرنسا ، و المانيا هم من يصيغون شخصية ترامب و زيلينسكي معا ، و يشجعون على مواصلة التحرش بروسيا و العزوف عن السلام الممكن و العادل. ولمن لا يقرأ التاريخ ، فإن الاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا الاتحادية لم يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بالهبوط في أفغانستان عام 1979 ، فكيف يريدون من روسيا الاتحادية العظمى أن تسمح لحلف ( الناتو ) المعادي لها بالهبوط في أوكرانيا المحاددة من جهة الجنوب ؟ و السلام الأوكراني – الروسي ، و أقصد غرب أوكرانيا مع روسيا لن يتحقق من دون العودة إلى حالة أوكرانيا قبل عام 1991 و ليس كما حصل بعد تاريخ الاستقلال . و اللغة الروسية الأصل أن تحترم في أوكرانيا و تصبح الثانية بعد اللغة الأوكرانية الرسمية الأولى ، و الأصل أن لا تعبث أوكرانيا بزعامة الدين المسيحي الكاثوليكي ، و لا بالعلاقات الاجتماعية و الاقتصادية ، و على مستوى الإعلام و المواصلات . و سيبقى الروس و الأوكران شعبان شقيقان و جيران ، و دولتان تحافظان على سيادة كل منهما .العتوم يكتب: ترامب يرعب العالم
مدار الساعة ـ