في هذا الموسم الغريب تبدو كرة ريال مدريد كأنها تقف بين مرآتين " إحداهما تعكس تاريخه اللامع بالذهب والأخرى تعكس حاضره القلق " حيث تتلوى الأسئلة حول هوية تائهة وبوصلة لا تزال تبحث عن الشمال وفي قلب هذا الممر العاكس يقف تشابي ألونسو رجل جاء من عصر الانضباط الحديدي .. يحاول أن يزرع نظاما صارما في أرض اعتادت النمو الوحشي للعب الهجومي المفتون بالفوضى الجميلة

المشكلة ليست في الأخطاء التكتيكية ولا في اختيار الأسماء .. المشكلة أعمق .. إنها معركة بين عقل صلب وفريق لا يعيش إلا بالمرونة

ريال مدريد نادي يشبه العاصفة لا يحتمل المدربين الذين يحاولون ضبط الريح في زجاجة

تاريخه كله صراخ في وجه الخطط المربوطة بسلاسل

وهنا تظهر المعضلة " ألونسو يحاول أن يعيد تشكيل الفريق وفق فكرته والفريق يطالبه أن يستمع إلى نبضه "

مدريد لا تقاد بالخرائط بل بالحدس .. لا تدار بالقواعد بل باللحظة

كل لاعب فيها ليس نقطة في رسم تكتيكي .. بل شرارة في انفجار مستمر .. وحين يحاول أي مدرب أن يفرض على هذه الشرارات قوالب مصقولة .. تنطفئ شيئا فشيئا .

الجمهور من موقعه الأبدي بين الحب والجنون .. يشعر بأن المشكلة ليست في الركض على العشب .. بل في الفكرة التي فوق العشب .. الفكرة التي تحتاج إلى كسر الجدار الصلب في عقل المدرب .. ليس كسر احترامه ولا قدرته ولا قيمته .. بل كسر العناد الذي يظن أن ريال مدريد مجرد مشروع تدريبي آخر يمكن تطويعه بالقوة

ريال مدريد لا يروض .. ريال مدريد يفهم

وإذا لم يتخلى ألونسو عن قناعه الحديدي .. فسيجد نفسه في حرب خاسرة مع التاريخ ذاته

التاريخ الذي لا يرحم من لا يسمع صوته

في نهاية المطاف لا يحتاج النادي إلى صفقة خارقة، ولا ثورة خططية .. بل يحتاج شيئا واحداً فقط .. أن يخلع المدرب قفازه الفلسفي الثقيل .. ويصغي إلى الكيان الذي يرفض أن يكون نسخة من أي مدرسة .. ويطلب فقط أن يترك يعيش بطريقته التي لا تشبه أحدا