لم يعد المشهد الإعلامي الأردني ميدانًا منضبطًا يعكس وعي الدولة وثقافتها، بل أصبح في كثير من زواياه فضاءً عشوائيًا متنازعًا بين الإثارة والمصالح. فثمة مواقع إلكترونية تنشر من أجل “الترند” لا من أجل الحقيقة، تمارس الصحافة بمنطق السوق لا بمنهج المهنة، وتتعامل مع المتلقي بوصفه سلعة رقمية تُباع وتُشترى عبر الإعلانات.
بعض هذه الصفحات والمواقع يعمل دون ترخيص أو رقابة ضريبية، بينما بعض آخر مسجلة في هيئة الإعلام شكليًا فقط، لا تلتزم بالحد الأدنى من معايير المصداقية أو القيم المهنية. هكذا يتشكل مشهد إعلامي مشوّه، لا يفرّق بين الخبر والرأي، ولا بين النقد والمسّ، ولا بين الحرية والفوضى.دولة الرئيس،،،إنّ فوضى الإعلام ليس مجرّد خلل مهني، بل أزمة وعي وضمير وطني. فالإعلام حين ينحرف عن رسالته، يُنتج رأيًا عامًا مشوّشًا، ويزرع في المجتمع ثقافة الشك بدل الثقة، والضجيج بدل التفكير. نحن لا نحتاج إلى المزيد من المنابر، بل إلى مشروع وطني للإعلام، يُعيد للمهنة معناها، وللرسالة صدقها، وللصحفي هيبته ومسؤوليته.دولة الرئيس،،،كيف نسمح لصفحات إلكترونية أن تشتغل دون ضوابط، أن تُحرّك الرأي العام دون مساءلة، وأن تُشوّه وعي الشباب تحت شعار الحرية؟أي حرية تُبنى على جهل، وأي إعلام يُدار بعقلية "المتجر الإلكتروني" لا بعقل الدولة؟لقد تحوّل الإعلام في بعض مساحاته إلى مرآة لفوضى الوعي الوطني، حين غابت المعايير، وتقدّمت المصالح الشخصية على المصلحة العامة. وما لم تُبادر الحكومة إلى ضبط إيقاع الإعلام، ووضع تشريعات حقيقية لا بروتوكولية، فسنظل ندور في حلقة من الضجيج تُضعف الدولة وتُربك وعي المواطن.الإعلام هو عقل الدولة ولسانها، فإذا اختلّ عقله وتلعثم لسانه، اهتزّ ضمير الوطن نفسه.فإلى متى نبقى نُراقب هذا الانحدار دون إصلاح حقيقي؟الإصلاح الإعلامي ليس ترفًا ولا خيارًا، بل هو ضرورة وطنية لإنقاذ الوعي الأردني من فوضى العناوين ورهانات السوقالإعلام ضمير الدولة ووعيها الجمعيفحين يغيب الإعلام الحقيقي، تغيب الدولة عن مرآتها. فالإعلام ليس فقط ناقلًا للحدث، بل هو الذاكرة الحيّة للأمة، وميزان الوعي بين المواطن والدولة. الإعلام هو الذي يمنح الدولة وجهها أمام شعبها، وصورتها أمام العالم. وإنّ أخطر ما يُصيب الأوطان أن يتحوّل إعلامها إلى صدى للفراغ، أو أن تتقدّم فيه أقلام الإثارة على أصوات الضمير.الإعلام الأردني بحاجة إلى أن يستعيد رسالته بوصفه وعيًا وطنيًا لا مهنة تجارية، وبحاجة إلى أن يكتب لا ليُرضي، بل ليبني؛ لا ليُشهّر، بل ليُنير؛ لا ليُثير، بل ليُفكر.فالدولة التي تفقد إعلامها الحقيقي، تفقد في العمق قدرتها على الإصغاء إلى ذاتها.سيبقى الوطن راسخاً في نزاهته وشامخاً بقيادته وشعبه.. حمى الله الأردن وقيادته الهاشميةالنسور يكتب: فوضى الإعلام الأردني.. إلى متى دولة الرئيس؟
الدكتور جاسر عبدالرزاق النسور
دكتور الإدارة الاستراتيجية وتقييم الأداء المؤسسي
النسور يكتب: فوضى الإعلام الأردني.. إلى متى دولة الرئيس؟
الدكتور جاسر عبدالرزاق النسور
دكتور الإدارة الاستراتيجية وتقييم الأداء المؤسسي
دكتور الإدارة الاستراتيجية وتقييم الأداء المؤسسي
مدار الساعة ـ