أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

أين اختفى التنوع في الشاشة الأردنية؟


حلا الديري

أين اختفى التنوع في الشاشة الأردنية؟

مدار الساعة ـ

مدار الساعة - كتبت حلا الديري - منذ أول دخولي إلى عالم الإعلام، سمعت عبارات كثيرة لم أفهم معناها في البداية. كانوا يقولون لي: "الإعلام لا يناسبك... هذا المجال لا يصلح لك."تكررت تلك الجمل حتى أدركت لاحقًا ما المقصود بها. لم تكن عن الصوت، ولا عن الحضور، ولا حتى عن الكفاءة، بل عن حجابي. وكأن وجود امرأة محجبة أمام الكاميرا يُربك الصورة النمطية التي يريد البعض رسمها للإعلامية الناجحة.

تركت الغربة وعدت إلى وطني لأنني لم أحتمل سماع عبارة "الوظائف للمواطنين". عدت بدافع الانتماء، وبأمل أن أجد لي مكانًا في وطني، لكنني اكتشفت أنني أعيش غربةً جديدة… غربة داخل وطني، حين يصبح الانتماء لا يكفي، والحلم يصطدم بالمعايير الشكلية بدل المهنية.

منذ زمن، ونحن نلاحظ أن الشاشة الأردنية تكاد تخلو من المذيعات المحجبات. لا نرى تعيينات جديدة لهنّ، ولا فرص حقيقية للظهور، وكأن الحجاب أصبح عائقًا غير معلن.

في المقابل، يُسلّط الضوء على مظاهر المبالغة في الشكل، من نفخٍ وتقصيرٍ ومكياجٍ مفرط، حتى بات التركيز على “الصورة” أكثر من الرسالة، وعلى “الطلّة” أكثر من الفكرة.

كثيرون يروّجون أن الحجاب "خيار شخصي" أو "عادة اجتماعية"، لكن الحقيقة أنه فرض إلهي، شِئنا أم أبينا، ورد ذكره في جميع الكتب السماوية كرمزٍ للطهارة والعفاف والاحترام.

في الإسلام، جاء الأمر واضحًا في قوله تعالى:

"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا..." (النور: 31)

"يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ" (الأحزاب: 59).

وفي المسيحية، ورد في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (الإصحاح 11: 5–6):

> “وأما كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطى، فتشين رأسها... لأنه إن كانت المرأة لا تغطي رأسها، فليُقص شعرها.”

أما في اليهودية، فقد ورد في "سفر العدد" (5:18):

“ويوقف الكاهن المرأة أمام الرب، ويكشف رأسها.”

أي أن كشف الرأس كان علامة إهانة، مما يدل أن الأصل تغطيته. كما ورد في "التلمود":

“لا يجوز لامرأة متزوجة أن تمشي في الشارع وشعرها مكشوف.”

وهذا يوضح أن الستر والاحتشام كانت سمة مشتركة في جميع الديانات السماوية، وإن اختلفت تفاصيلها، إلا أن جوهرها واحد: العفة والاحترام والالتزام.

استبعاد المحجبات من الشاشة لا يعني فقط استبعاد لباس، بل هو استبعاد لقيم، وتهميش لصوت المرأة الملتزمة التي اختارت أن تكون جزءًا من الإعلام دون أن تتنازل عن مبادئها.

الإعلام الحقيقي لا يُقاس بالمظهر، بل بالفكر والرسالة والصدق. ووجود مذيعات محجبات لا يسيء للصورة العامة، بل يُثريها ويجعلها أكثر تنوعًا وواقعية.

الإعلام الذي يخشى التنوع يفقد مصداقيته، لأن المجتمع ليس نسخة واحدة من الجمال أو الأسلوب، بل لوحة واسعة تجمع بين أشكال متعددة من الفكر والإيمان والثقافة.

الإعلام يحتاج إلى الوجوه التي تشبه الناس... لا الوجوه التي تُفصّل على مقاس الصورة التي يريدها الآخرون.

مدار الساعة ـ