مدار الساعة - بترا -أشرف الغزاوي- ينشط السوق الموسمي لبيع ثمار الزيتون في قلب مدينة إربد، وسط رائحة الزيتون الفواحة، ليرسم مشهد خيرات الأرض لما يحمله من رمزية تراثية واقتصادية لأهالي المدينة.
حركة نشطة يشهدها السوق الواقع في ساحة مجمع سفريات الأغوار القديم، تعكس أهمية موسم قطاف الزيتون في الوجدان الشعبي، ليس فقط كمصدر رزق، بل كطقس تراثي يجمع العائلة حول أشجارها وأواني التخليل داخل البيت الأردنيوتعرض بسطات ثمار الزيتون في السوق، مختلف أنواع الزيتون المخصص للتخليل أو ما يطلق عليه شعبيا "الرصيع"، بين زيتون بعلي وآخر مروي، والأخضر والأسود بأنواعه: الحبة الصغيرة والوسط والكبيرة، بأسعار متفاوتة حسب النوع والحجم والجودة.من أبرز أنواع الزيتون التي تباع في السوق الذي ترتاده غالبية الأسر في إربد لغاية تأمين "المونة" السنوية للمنزل من رصيع الزيتون البلدي، والنبالي بمختلف أشكاله وأحجامه، والرومي، والقرصدي، وأبو شوكة، والبلحي، والكلمنتا، وغيرها، بما يمثل أحد الطقوس الشعبية الموروثة.ويشكل سوق الزيتون مصدر رزق للعديدين من الشباب وكبار السن، اعتادوا بيع ثمار الزيتون وتسويقه مباشرة للمستهلك بما يحقق لهم مردودا ماليا سنويا .
يقول الستيني، نضال بني هاني، الذي ينشغل بالشرح عن أنواع الزيتون وأسعارها أمام بضاعته، إنه يمارس بيع ثمار الزيتون منذ أكثر من 30 عاما، سواء المقطوف من مزرعته أو المتاجرة بكميات متفق عليها مع أصحاب مزارع آخرين، مشيرا إلى أن موسم الزيتون يحقق له ولأسرته عائدا ماليا جيدا لسد احتياجاتهم المعيشية.أما الشاب الثلاثيني، حسن محاميد، فإنه يفتخر أن عمله بقطاع الزيتون متوارثا أباً عن جد، لافتا إلى أن موسم الزيتون يساعد في إعانة العديد من الشباب الذين يشترون كميات من المزارعين لبيعها في السوق الموسمي، إضافة إلى أنه فرصة لتسويق المنتج مباشرة لأصحاب بساتين الزيتون .ويمثل ارتياد السوق طقسا شعبيا للأسر، إذ تقول الستينية، أم محمد، التي كانت تشرح بعفويتها لمرتادة أخرى للسوق حول أفضل الطرق لتجهيز رصيع الزيتون، أنها تحرص كل موسم على شراء كميات متنوعة من الزيتون الأخضر والأسود لغاية تأمين مونة منزلها ومنازل أبنائها المتزوجين من الرصيع البلدي الذي لا تستغني عنه الأسرة في حياتها اليومية.ويشير الأربعيني أبو علي، الذي رافقته زوجته لانتقاء أنواع الزيتون، إلى ما يوفره سوق الزيتون من عبق تراثي من الاستمتاع بشراء الثمار المفضلة إلى تجمع العائلة في "دق" ثمار الزيتون بالحجر قبل تخليله، عدا عن توفير السوق لآلة "الدراسة" التي تغني عن الطرق التقليدية في تجهيز وتخليل الزيتون.
من جهته، قال مدير زراعة إربد الدكتور عبد الحافظ أبو عرابي، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن موسم الزيتون يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد الريفي بالمحافظة، إذ يعتمد عليه آلاف المزارعين والأسر في تأمين جزء كبير من احتياجاتهم المعيشية، لافتا إلى توفير موسم الزيتون لآلاف فرص العمل خاصة لقطاع الشباب، سواء من عمال قطاف ونقل ومعاصر وباعة لثمار الزيتون في سوقه الرئيس وسط إربد ومناطق فرعية أخرى.وأشار إلى أن محافظة إربد تضم نحو 5.6 مليون شجرة زيتون، غالبيتها بعلية، تنتشر على مساحة تزيد عن 220 ألف دونم، ما يعادل نحو 20 بالمئة من إجمالي المساحة المزروعة بالزيتون في المملكة، لافتا إلى أن الزيتون في الأردن ليس مجرد محصول اقتصادي، بل موروث وطني يعبر عن العلاقة العميقة بين الأرض والإنسان .










