أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

غزة: إعمار وطن أم سرقة وطن؟


د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق عضو المكتب السياسي لحزب عزم

غزة: إعمار وطن أم سرقة وطن؟

د. خلف ياسين الزيود
د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق عضو المكتب السياسي لحزب عزم
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

منذ أن بدأ الحديث عن مشاريع إعمار غزة، بدأت بالمقابل التحليلات بين من يراها خطوة إنسانية ضرورية لإعادة الحياة إلى قطاع دمر بشكل كامل تقريباً، وبين من تأخذه التخوفات أن تتحول عملية الاعمار إلى بوابة لتصفية القضية الفلسطينية وتفريغها من مضمونها الوطني. فهل نحن أمام إعمار لوطن صامد، أم أمام مشروعٍ سياسي مغلف بالإنسانية هدفه سرقة الوطن من ذاكرته وهويته، وهنا وفي ذات الوقت لا يمكن إنكار أن قطاع غزة بحاجة ماسة إلى إعادة إعمار عاجلة، حيث آلاف البيوت المهدمة، البنية التحتية المنهارة، والمستشفيات والمدارس التي لم تعد صالحة للعمل، وهذه كلها شواهد على أزمة إنسانية قاسية تستدعي تدخلاً فورياً، والاعمار في هذه الحالة ليس ترفاً سياسياً، بل حق إنساني ووطني للشعب الفلسطيني الذي صمد تحت النار والدمار، ودفع ثمن دفاعه عن كرامته ووطنه.

إن إعادة الإعمار يجب أن تكون من أجل الإنسان الفلسطيني، لتثبيته على أرضه لا لتسهيل تهجيره أو إخضاعه، ولكن خلف الشعارات الإنسانية تختبئ حسابات سياسية دقيقة، بعض القوى الدولية والإقليمية ترى في ملف الإعمار فرصة لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني بما يخدم مصالحها، لا مصالح الفلسطينيين.

من هنا يحق للفلسطيني أن يسأل السؤال الجوهري: من سيمول الإعمار ومن سيشرف عليه، وهل ستكون هذه الجهات بريئة من أي أجندات غير إنسانية، أما إذا كان الإعمار سيستخدم أداة لشراء المواقف أو فرض شروط سياسية، فهذا يعني ان الفلسطيني أمام مشروع سرقة وطن لا اعمار وطن، لأن بعض المشاريع المطروحة تلمح إلى أن الإعمار قد يكون مدخلاً لفصل غزة عن الضفة الغربية، وتحويلها إلى كيان اقتصادي منفصل تحت إدارة دولية أو إقليمية، وهنا تكمن المشكلة لأن الإعمار دون وحدة وطنية يتحول إلى عملية هندسة سياسية جديدة، تؤسس لتكريس الانقسام بدل إنهائه، وتخدم رؤية الاحتلال التي تسعى لتفكيك الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية.

ان الإعمار الحقيقي لا يكون بإعادة بناء الحجر فقط، بل بترميم الوعي الوطني والكرامة الفلسطينية وهذا ما يجب أن تسعى اليه المكونات الفلسطينية وتتمسك به كوحدة وطنية واحدة، وان يعمل كل فلسطيني على أن الإعمار الذي يعيد للناس بيوتهم ويحفظ لهم كرامتهم هو إعمار وطن لا يشترى ولا يباع.

الإعمار في غزة اليوم على مفترق طرق بين، مشروع وطني يقوده أبناء الأرض بإرادتهم، هدفه بناء الوطن على أسس الصمود والسيادة، ومشروع خارجي هدفه ترويض الوعي الفلسطيني وتحويل المعاناة إلى ورقة ضغط ومساومة والفرق بينهما ليس في شكل الإسمنت ولا في عدد الطوابق، بل في النوايا السياسية.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ