مقدمة: سؤال على طاولة الرأي العام
في ظل التحديات الاقتصادية الضاغطة التي تواجه الأردن، يصبح كل دينار يُنفق من خزينة الدولة موضع تدقيق ومساءلة. ومن بين الملفات التي تستدعي وقفة نقدية، ملف "المستشارين" في المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها مجلس النواب. هنا يطرح سؤال جوهري: هل وظيفة المستشار هي بالفعل لتزويد صُناع القرار بالخبرة والرأي السديد، أم أنها تحولت إلى مجرد "لقب" أو "مقعد إرضاء" يُمنح بعيداً عن الحاجة الفعلية؟ مستشارو النواب: غياب أم إغفال؟ القضية التي باتت على ألسنة المهتمين بالشأن البرلماني تتمحور حول وجود كوكبة من المستشارين، يُقدر عددهم بـ 35 مستشاراً في مجلس النواب، يتقاضون رواتبهم ومخصصاتهم، لكن عملهم الفعلي أو وجودهم في مقر المجلس يبقى محل تساؤل. الأرقام والمشاهدات تشير إلى أن جزءاً كبيراً من هؤلاء يمارسون عملهم -إن وُجد- "من منازلهم"، أي أنهم يحصلون على امتيازات المستشار دون الالتحام اليومي بقضايا المجلس أو تقديم الاستشارة في أروقته متى لزمت. إن المفهوم الأساسي للاستشارة هو تقديم الخبرة النوعية في حقول متخصصة (قانونية، اقتصادية، إعلامية، إلخ) لمساعدة اللجان النيابية وأعضاء المجلس على اتخاذ قرارات مستنيرة. فإذا كان المستشار "غائباً" فيزيائياً وعملياً عن أجندة المجلس، فإن وظيفته تصبح مجرد "وظيفة بلا استشارة". صدى الشارع ورأي رئيس لجنة التوجيه ? الرأي العام يتجه نحو اعتبار هذه التعيينات، إن لم تكن مرتبطة بمهام واضحة ومخرجات ملموسة، نوعاً من هدر المال العام وضرباً لآليات المساءلة. وهنا يبرز الدور النقدي لـ رئيس لجنة التوجيه في مجلس النواب، الذي أدلى بتصريحات واضحة حول هذا الملف الشائك، الأمر الذي يضع كرة المسؤولية في ملعب المجلس نفسه لاتخاذ إجراءات تصحيحية. قد يكون لبعض هؤلاء المستشارين مهام تخصصية لا تتطلب التواجد اليومي، لكن هذا لا يُعفي الإدارة البرلمانية من مسؤولية وضع آليات قياس أداء صارمة لضمان أن المبالغ المدفوعة تذهب بالفعل لمن يقدمون قيمة مضافة وحقيقية. خلاصة وتوصية: من الإرضاء إلى الإنتاجية الوظيفة العامة، وبخاصة في مؤسسة تشريعية ورقابية كبرى مثل مجلس النواب، يجب أن تقوم على مبدأ الكفاءة والإنتاجية، لا على مبدأ "الإرضاء" السياسي أو الاجتماعي. إن وجود 35 مستشاراً على كشوفات الرواتب دون إثبات فعالية يتطلب مراجعة فورية. التوصية: على مجلس النواب إعادة هيكلة ملف المستشارين بالكامل، وإلغاء أي موقع استشاري لا يرتبط بخطة عمل واضحة ومؤشرات أداء قابلة للقياس والمساءلة. فـ "الاستشارة" ليست لقباً، بل هي خدمة حيوية يجب أن تُقدم في وقتها وبأعلى مستويات الجودة. وإلا، فإن بقاء الحال كما هو عليه يرسخ الاعتقاد بأن الأمر برمته لا يتعدى كونه "إرضاء" على حساب المال العام، وهذا ما لا يتحمله اقتصادنا الوطنيحفظ الله الاردن والهاشمينالمجالي يكتب: المستشار الغائب.. بين الإرضاء وهدر المال العام
نضال انور المجالي
متقاعد عسكري
متقاعد عسكري
مدار الساعة ـ