مع الثورة الرقمية التي يشهدها العالم اليوم والتي تقودها التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء، أصبح من الضروري أن تتكيف القوانين مع سرعة الابتكار التكنولوجي لحماية المجتمع والأفراد وضمان حقوقهم الرقمية في بيئة آمنة ومستقرة. في الأردن، تبنت الحكومة مجموعة من التشريعات التي تهدف إلى تنظيم استخدام التقنيات الحديثة وضمان الأمن الرقمي، حيث يأتي قانون الجرائم الإلكترونية الأردني ليعاقب كل من يسيء استخدام الشبكات الرقمية أو ينتهك خصوصية الأفراد، ويكمل قانون المعاملات الإلكترونية مهمة تنظيم التعاملات الرقمية بين الأفراد والمؤسسات لضمان صحة العقود والوثائق، فيما تسعى قوانين حماية البيانات الشخصية إلى صون المعلومات الشخصية للمواطنين، مما يعكس حرص الدولة على حماية حقوق الأفراد في البيئة الرقمية الحديثة.
ومع ذلك، تواجه هذه التشريعات تحديات كبيرة أمام سرعة الابتكارات التكنولوجية، حيث تتجاوز الابتكارات قدرة التشريعات التقليدية على المواكبة، كما أن المخاطر الرقمية تتعدى الحدود الوطنية، ما يستدعي التنسيق القانوني الدولي والتعاون الإقليمي لتعزيز الأمن السيبراني وحماية البيانات. في هذا السياق، أصبح القانون المرن أداة ضرورية لتحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار التقني وحماية حقوق الأفراد، فهو يسمح بالتكيف مع التطورات الحديثة دون الحاجة لإصدار تشريعات جديدة باستمرار، ويضمن شمولية تغطي جميع جوانب الحياة الرقمية مع تحديد مسؤوليات واضحة لكل من الأفراد والمؤسسات، ويركز على الوقاية وحماية المجتمع قبل وقوع الأضرار من خلال وضع معايير صارمة للأمن السيبراني وحماية البيانات.يأتي هذا التوجه امتدادًا لحرص القيادة الهاشمية، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، على تعزيز التحول الرقمي في الأردن وبناء بيئة قانونية مرنة تدعم الابتكار وتحمي المجتمع في آن واحد. وتسهم الملكة رانيا العبدالله في نشر التوعية المجتمعية حول الأمن الرقمي وحماية البيانات الشخصية وتعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول للتقنيات الحديثة، فيما يضطلع ولي العهد سمو الأمير حسين بن عبدالله الثاني بدور محوري في تعزيز الاستراتيجيات الرقمية الوطنية وتمكين الشباب من الابتكار المسؤول، ما يجعل جهود القيادة الهاشمية متكاملة لضمان حماية المجتمع وتعزيز الابتكار في الوقت نفسه.ومع استمرار انتشار الذكاء الاصطناعي والأنظمة الرقمية التي قد تصدر قرارات تلقائية تحمل تحيزات أو أخطاء، أصبح وجود إطار قانوني واضح للمساءلة أمرًا بالغ الأهمية، ومن هنا تأتي أهمية اعتماد هيئات مختصة لمراقبة الابتكار الرقمي، وتطوير معايير وطنية ودولية للأمن وحماية البيانات، وتدريب القضاة والمحامين على فهم التكنولوجيا وتأثيراتها القانونية. وبهذا الشكل، يمثل القانون المرن في الأردن حلقة الوصل الأساسية بين الابتكار الرقمي وحماية المجتمع، ويعكس التزام القيادة الهاشمية ببناء مجتمع رقمي آمن ومستدام قادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وفعالية، وتحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار وحماية الحقوق الرقمية للأفراد، ما يجعل الأردن نموذجًا رائدًا في مواجهة تحديات الثورة الرقمية.ولتعزيز فعالية القانون المرن في الأردن، يجب العمل على تطوير عدة محاور أساسية، أولها تحديث التشريعات بشكل دوري بحيث تتكيف مع الابتكارات الجديدة دون الحاجة لإعادة صياغة كاملة، مع التركيز على الشمولية لتغطية جميع جوانب الحياة الرقمية. ويجب تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتبادل الخبرات ووضع معايير موحدة للأمن السيبراني وحماية البيانات، بما يقلل المخاطر العابرة للحدود.كما ينبغي إنشاء هيئات مختصة ومستقلة لمراقبة الابتكار الرقمي وضمان التزام المؤسسات العامة والخاصة بالمعايير الوطنية والدولية، مع تطوير برامج تدريبية للقضاة والمحامين والكوادر القانونية لتمكينهم من فهم التكنولوجيا الحديثة وتأثيراتها القانونية على الحقوق والواجبات. ويجب أن تركز هذه الهيئات على الوقاية والمساءلة معًا، لضمان حماية المجتمع قبل وقوع الأضرار وللتعامل بسرعة مع الانتهاكات الرقمية عند حدوثها.إضافة إلى ذلك، يلعب التوعية المجتمعية دورًا محوريًا في تطبيق القانون بفعالية، ويجب أن تشمل برامج التوعية المواطنين والمؤسسات على حد سواء، لتبني ثقافة الاستخدام المسؤول للتقنيات الحديثة، وحماية البيانات الشخصية، وفهم حقوقهم الرقمية. كما يمكن اعتماد منصات رقمية تفاعلية لتقديم الاستشارات القانونية الرقمية ومراقبة الشكاوى والمخاطر، مما يجعل النظام أكثر شفافية وكفاءة.في النهاية، يمثل القانون المرن في الأردن استراتيجية متكاملة تجمع بين الابتكار الرقمي وحماية المجتمع وحقوق الأفراد، ويعكس رؤية القيادة الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، والملكة رانيا العبدالله، وولي العهد الأمير حسين بن عبدالله الثاني، لبناء مجتمع رقمي آمن ومستدام يدعم الابتكار ويحمي الحقوق، ويضع الأردن في مصاف الدول الرائدة في مواجهة تحديات الثورة الرقمية بثقة ومسؤولية.الهقيش يكتب: القانون المرن لمواجهة التقنيات الحديثة في الأردن
مدار الساعة ـ