أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

ابو زيد يكتب: عامان على السابع من أكتوبر... والاحتلال يفشل في تحقيق أهداف الحرب.. ماذا يعني؟


العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد

ابو زيد يكتب: عامان على السابع من أكتوبر... والاحتلال يفشل في تحقيق أهداف الحرب.. ماذا يعني؟

مدار الساعة ـ

السابع من أكتوبر تاريخ لا يُنسى، وأحداثه ستبقى تُدرَّس للأجيال بوصفها محطة غيّرت ملامح المنطقة وأعادت رسم معادلات الصراع في فلسطين والمنطقة بأسرها.

عامان من حربٍ ظالمة شنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مستخدمًا فيها كل أدوات القتل والتدمير والحصار بأبشع الصور، حتى لجأ إلى التجويع كسلاح إضافي، في محاولةٍ للضغط من أجل التهجير.

ومع ذلك، لم يتمكن من تحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة؛ فلم يكسر إرادة المقاومة، ولم يستعد هيبته التي يتبجح بها دوماً . بل وجد نفسه أمام واقعٍ أكثر تعقيدًا، وأزماتٍ داخلية متصاعدة، في ظل مقاومةٍ ما زالت صامدة رغم كل محاولات الإبادة والتدمير واستهداف القيادات.

العدو الإسرائيلي أعلن في بداية الحرب أنها لن تستمر أكثر من عدة أشهر، وتعهد بإعادة الأسرى المختطفين بالعمل العسكري لا بالتفاوض. إلا أن نتائج العامين الماضيين كشفت أن الاحتلال عالق في مأزقٍ استراتيجي عميق؛ فحكومته المتطرفة لم تتمكن من تحقيق ما وعدت به شعبها لا استعادة الأسرى، ولا إنهاء حكم المقاومة في غزة، ولا إعادة الأمن إلى مستوطنات غلاف القطاع. بل أصبحت الخسائر البشرية والمعنوية والاقتصادية عبئًا يهدد تماسك المجتمع الإسرائيلي نفسه، في ظل انقسامٍ سياسي غير مسبوق، وتبادلٍ للاتهامات بين القيادات العسكرية والسياسية حول المسؤولية عن الفشل.

المقاومة تفرض معادلات جديدة

أمام هذا المشهد، استطاعت المقاومة أن تحافظ على حضورها الميداني والسياسي رغم الحصار والتدمير الشامل، مؤكدةً أن القوة العسكرية ليست وحدها من تصنع الانتصار، بل الإرادة والصمود والقدرة على الاستمرار.

فالمعادلات التي حاول الاحتلال فرضها بالنار، انقلبت عليه، لتتحول غزة من ساحةٍ مستهدفة إلى ساحةٍ تفرض شروطها في أي مفاوضات أو مبادرات سياسية تُطرح اليوم على الطاولة

تبدّل المواقف الدولية والرأي العام العالمي

أحد أبرز التحولات التي أفرزتها الحرب يتمثل في تبدل المواقف الدولية تجاه الاحتلال.

فمشاهد الدمار والمجازر في غزة، وخاصة ضد الأطفال والمدنيين، حرّكت الرأي العام العالمي، وأعادت تعريف مفهوم العدالة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

باتت الأصوات المطالِبة بمحاسبة الاحتلال تتعالى في العواصم الغربية، وظهرت أصواتٌ أخرى تدعو إلى قيام الدولة الفلسطينية، في حين اتسعت رقعة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، ما يعكس تراجع صورتها كـ«دولة ديمقراطية» في نظر الشعوب.

وهكذا، ازدادت عزلة إسرائيل على مستوى العالم، وتراجعت قدرتها على تبرير عدوانها.

الأردن وموقفه الثابت

في خضم هذه التطورات، بقي الموقف الأردني ثابتًا وراسخًا ومبدئيًا في دعم القضية الفلسطينية ورفض العدوان على غزة، انطلاقًا من الموقف الهاشمي التاريخي في الدفاع عن القدس والمقدسات، والدعوة الدائمة إلى حلٍّ سياسي عادل يقوم على أساس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس الشرقية.

وهو موقف يعبر عن ضمير الأمة ويمثل صوت العقل في زمنٍ غلبت فيه لغة القوة.

كما لعب الأردن دورًا محوريًا في تغيير مواقف العديد من دول العالم باتجاه الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية.

في الختام

ها هي المقاومة، وبعد عامين على السابع من أكتوبر، تتفاوض مع الطرف الآخر — دولة الاحتلال — بهدف وقف الحرب، وضمن شروط تضمن الانسحاب الكامل من قطاع غزة.

عامان من الحرب الظالمة لم يغيّرا حقيقة واحدة في مسار الصراع؛ فلم تحقق دولة الاحتلال أيًّا من أهدافها، سوى القتل والتدمير والتجويع للمدنيين العزّل.

لقد أثبتت التجربة أن إرادة الشعوب لا تُكسر، وأن المقاومة، رغم الجراح والدمار، ما زالت قادرةً على الصمود والتأثير.

وقبولها مبادرة ترامب سحب البساط من تحت قدمي نتنياهو وترامب معًا، وأكد أن الكلمة الأخيرة تُكتب على أرض الميدان، لا في غرف السياسة المغلقة.

أما الاحتلال، فكلما طال عدوانه، ازداد ضعفًا وعزلة، وكلما حاول كسر إرادة غزة، وجد نفسه أمام شعبٍ لا يعرف إلا طريق الكرامة والحرية.

لقد فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، لكنه نجح في كشف وجهه الحقيقي القبيح أمام العالم بأسره.

مدار الساعة ـ