في المشهد الحزبي الأردني اليوم يتجلى صراع هادئ لكنه عميق بين جيلين جيل صاعد يحمل الفكر والحماس والإيمان بالتجديد وجيل قديم ما زال يتمسك بمفاتيح القرار ويصر على البقاء في الواجهة مهما تغير الزمن هي ليست معركة أشخاص بل معركة بين منطقين منطق يريد أن يتطور وينفتح ومنطق يخشى التغيير ويتمسك بالماضي تحت شعارات الخبرة والتاريخ
ما زال بعض عرابين السياسة و الأحزاب او بما نعرفهم ونجلهم القيادات الكلاسيكية يتعاملون مع الشباب وكأنهم ضيوف مؤقتون على المشهد السياسي يقبلون بوجودهم حين تتطلب المرحلة ذلك قانونيا أو استعراضيا يدمجونهم في الأحزاب لا لأنهم يؤمنون بقدراتهم بل لأنهم بحاجة إلى حضورهم في الصور والمؤتمرات والبيانات كي يبدو الحزب حديثا متجددا بينما تظل مواقع القرار محصنة لا يقترب منها أحد من خارج الدائرة القديمةالشباب في نظرهم زينة المشهد وليسوا صناع القرار يتحدثون عنهم في الخطابات ويشيدون بجهودهم في التصريحات لكنهم لا يمنحونهم المساحة الحقيقية للمشاركة ولا الثقة الكاملة التي تليق بجيل واع مؤهل قادر على القيادة جيلنا لا يطلب المستحيل ولا يسعى إلى هدم المنظومة السياسية الوطنية بل يريد أن يكون شريكا حقيقيا في تطويرها وتجديدها ضمن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني التي تؤكد أن تمكين الشباب ليس شعارا بل واجب وطنيلقد قلتها ودوما سأقولها دائماً الشاب هو الذي يفرض نفسه بفكره ووعيه وإنجازه وليس بالضجيج ولا بالاستعراض لكن يجب أن ندرك أن الطريق أمام الشباب ليس سهلا لأن الحرس القديم ما زال يتحدث بلسانهم ويديرهم بعقلية الوصاية وكأنه يخاف أن يفقد سلطته وهيبته إن منحهم زمام المبادرة بعضهم تصدر في الزمن البعيد وخشي منا في الزمن الجديد فاختار أن يظل في الواجهة متحدثا باسمنا مرسما لنا حدود الحلم والطموحنحن اليوم نعيش في حالة تسييس لكل شيء حتى في أبسط الأشياء ما لم يدركه البعض أن تسييس كل ما حولنا يفقد الأشياء جوهرها ومعناها يصبح كل فعل محسوبا سياسيا وكل مبادرة محاطة بالشك والتأويل حتى القيم والمبادئ لم تسلم من هذا التسييس الذي جعل النية الصادقة محل تساؤل والجهد الوطني محل قراءة سياسية ضيقة اليوم لا أتحدث فقط عن أحزاب بل عن وزارات ووزراء وصناع قرار لا يؤمنون بالمنظومة الشبابية من قناعة بل يتحدثون عنها لأن جلالة الملك وولي العهد يثمنانها ويدعمانها ويصدرانها كنهج وطني لذلك يتعامل معها البعض كواجب بروتوكولي لا كقناعة فكرية أو رؤية إيمانية بالدور الحقيقي للشبابيستخدمون لغة منمقة تتحدث عن الانفتاح والديمقراطية لكنها في جوهرها لا تزال لغة السادة والعبيد نحن السادة وأنتم العبيد ولكن بطريقة ناعمة مغلفة بالابتسامات والعبارات المنمقة هي عقلية لا تعترف بأن الزمن تغير وأن الفكر الجديد أصبح ضرورة لا خيارا الشاب الأردني لا يسعى للصدام بل يسعى ليكون شريكا فاعلا يحترم الدولة ويصونها ويؤمن بأن الإصلاح الحقيقي ينبع من داخل المنظومة لا من خارجهاجيلنا يعرف أن الوطنية ليست شعارا بل سلوكا وأن الحفاظ على مؤسسات الدولة واجب مقدس لذلك لم ولن يكون مشروعنا خصومة مع أحد بل مشروعنا بناء وتمكين وتجديد نجل شيوخ الأحزاب ونحترم تاريخهم ودورهم الوطني فهم أبناء مرحلة خدموا فيها الوطن بإخلاص لكننا في زمن مختلف زمن يحتاج إلى فكر جديد وإلى قيادات تفكر بعقلية المستقبل لا بعقلية الخوف من الجديدلقد آن الأوان أن تنتقل الأحزاب من مرحلة المجاملة إلى مرحلة التمكين الحقيقي للشباب وأن تدرك القيادات الكلاسيكية أن احترام الشباب لا يكون بالكلام بل بالفعل وأن تمكينهم لا ينتقص من أحد بل يخلد إرث من سبقونا لأن الوطن لا ينهض بالتشبث بالمقاعد بل بتسليم الراية لجيل مؤمن برسالته وواثق بقدراتهالأردن اليوم يدخل مرحلة سياسية جديدة عنوانها التجديد والتطور والمشاركة جيل الشباب فيها ليس تابعاً بل شريكاً في رسم ملامحها إذا لم تدرك القيادات القديمة هذه الحقيقة فستجد نفسها قريبا تتحدث عن المستقبل وهي تعيش في الماضيإن صراع الصدارة بين شباب الأحزاب وشيابها ليس صراعا على المناصب بل على الاتجاه إما أن تتقدم الأحزاب مع جيلها الجديد وإما أن تبقى مكانها تتحدث عن التجديد وهي غارقة في الجمود الشباب لن ينتظروا طويلا لأن الزمن يتقدم والوطن يحتاج إلى من يسير معه لا من يتفرج عليهجبارة يكتب: صراع الصدارة بين شباب الأحزاب وشيابها.. زمن يتقدم وقيادات لا تتقدم
د. عبدالله ماجد جبارة
جبارة يكتب: صراع الصدارة بين شباب الأحزاب وشيابها.. زمن يتقدم وقيادات لا تتقدم
مدار الساعة ـ