اختصت المادة ٤٥ من الدستور بصلاحيات الحكومة، وذلك من خلال فرعين؛ الأول مُفعَّل والمتعلق بالإطار العام لاختصاص مجلس الوزراء وحدوده، والثاني مُعطَّل والمتضمن الآليات التنفيذية لممارسة تلك الاختصاصات بالنسبة للمجلس والرئيس والوزراء، كُلٌّ على حدة.
أي أن الفقرة الأولى من المادة قد تناولت الصلاحيات من الناحية الموضوعيّة، لكن الفقرة الثانية هي التي تحدد كيفية ممارسة تلك المسؤولية ضمن شكلية قانونية محددة، عبر أنظمة غير موجودة حاليا.وقد بُنيَت كذلك المادة ٤٧ من الدستور على ما سبقها إذ تطرقت لمسألة الإحالة عند عدم الاختصاص بين الرئيس والمجلس والوزراء، مما يلزمه تحديد الصلاحيات ابتداء ثم إحالة ما يخرج منها عن الاختصاص.وقد صدر في العام ١٩٩٣ نظام يحدد صلاحيات مجلس الوزراء، وبقي نافذاً حتى العام ٢٠٠٨، حيث ألغي وبقي حكم الفقرة الدستورية الثانية معطّلاً حتى يومنا هذا.وعليه؛ تستند الحكومات لدى مباشرة اختصاصاتها إلى الفقرة الأولى من المادة ٤٥، والتي يتولى مجلس الوزراء بموجبها إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية ما لم يعهد به من تلك الشؤون إلى غيره من الجهات أو الأشخاص، بينما الأصحّ هو الاستناد لحكم الفقرة الثانية التي جاءت معطوفة على ما سبقها - بموجب مبدأ الوحدة العضوية لنصوص الدستور- والتي أوجبت صدور أنظمة يصادق عليها الملك، تحدد صلاحيات الرئيس والوزراء والمجلس.وعليه؛ نستطيع القول تبعا لقاعدة "المشرع لا يلغو"، بأنه يتعين على الحكومة إصدار الأنظمة المنصوص عليها لغايات تحديد الصلاحيات ومنع الازدواج بينها إن وجد.ومن المسائل العملية التي ربما تتناولها تلك الأنظمة إن عادت إلى حيز التنفيذ بصورة مُحدّثة، منح رئيس الوزراء صلاحية تحديد مكان انعقاد مجلس الوزراء، إذ تنص تشريعات المجالس عموما على مكان انعقادها مع منحها الصلاحية لتحديد موقع آخر ينعقد فيه، وكذلك تحديد مواعيد انعقاد المجلس سواء بصورة دورية او طارئة، وإمكانية انعقاده عن بعد في الحالات الاستثنائية او الظروف القاهرة، وتشكيل اللجان الوزارية الدائمة والمؤقتة، وغيرها من الأمور التي يباشرها الرئيس في الواقع بموجب مراسيم أو قرارات.كما قد يفيد ذلك بتسمية الوزراء الذين يمثلون الحكومة تحت القبة في الجلسات التشريعية مثالا - وهذا رأي شخصي- إذ قد لا يلزم الاستمرار بالعرف القاضي بحضور كامل هيئة الوزارة بالنسبة للوزراء غير المعنيين بمشاريع القوانين المعروضة على جداول أعمال المجلس، وكذلك تسمية الرئيس من ينوب عنه من الوزراء في الجلسات البرلمانية عند غيابه عنها او مغادرته إياها لواجب آخر.ولما يمثله مجلس الوزراء من أهمية كبرى، فمن الممكن النص في النظام على سرّية المداولات وعلانية قرارات المجلس، والأنصبة القانونية للحضور واتخاذ القرارات، وغيرها من المسائل الشكلية والإجرائية التي لا يتسع المقال لحصرها وذكرها.لا شك بأن الصلاحيات المشار إليها بحاجة إلى تجميع نظراً لتناثر التشريعات التي تتضمنها، ومن الضروري أن يتم الربط بين الأنظمة المذكورة وقانون الإدارة العامة وتعديلاته والذي يحتاج بعض الإضافات التشريعية، وكذلك الربط مع الأنظمة الصادرة بموجب المادة ١٢٠ من الدستور المعنية بتشكيلات الدوائر وتعيين الموظفين، وهي خطوة لازمة احتكامًا لنصوص الدستور بما يمثله من قدسية وسموّ على سائر التشريعات.النصوص واضحة الدلالة، ولا اجتهاد في مورد النص، ونأمل من الحكومة الحريصة على الدستور إصدار الأنظمة المشار إليها صيانة للدستور وإنفاذاً لأحكامه.الكايد يكتب: الشكلية الدستورية للصلاحيات الحكومية
مدار الساعة ـ