اتخذت الحكومة مؤخرا سلسلة من «القرارات الجريئة"الهادفة لتنظيم سوق المركبات، ومن أبرزها منع استيراد سيارات «السالفج» وإلزام المستوردين بالالتزام بمواصفات فنية دقيقة، الامر الذي أثار جدلا واسعا بين من يراها ضرورة لحماية المستهلك ومن يعتقد أنها تقييد لحركة التجارة، خصوصا في المنطقة الحرة، فما الهدف من هذا التنظيم؟.
ما قامت به الحكومة ليس تدخلا عابرا، بل ممارسة طبيعية لدورها في حماية المجتمع، فمن «واجب الحكومة» أن تصون حياة المواطنين وممتلكاتهم من أي مخاطر محتملة، وخاصة ان «التجارب السابقة"أظهرت أن الفحوصات الفنية المعمول بها لم تكن كافية لوقف دخول المركبات المشطوبة أو المتضررة، الأمر الذي جعل سوق المركبات عرضة لممارسات غير منضبطة كالغش والتلاعب، وأدى في حالات عديدة إلى حوادث كان يمكن تفاديها وذهب ضحيتها الكثيرون.هذه الإجراءات تأتي أيضا استجابة لمطالب من الشارع بضرورة ضبط السوق، فقد ارتفعت الأصوات الرافضة لانتشار السيارات غير الامنة، خصوصا بعد أن ثبت أنها تمثل تهديدا لحياة السائقين والركاب، وتتسبب بهدر ممتلكاتهم، ومن هنا كان لا بد من قرار حاسم يعيد الثقة للمستهلك ويضع معايير واضحة للتجار والمستوردين.ورغم الانتقادات لهذا القرار من قبل بعض التجار، فالحكومة أبدت مرونة «غير مسبوقة» مقارنة بدول الجوار، ففي حين تفرض دول مثل «السعودية وقطر ومصر"وغيرها"مواصفة قياسية» واحدة وصارمة على جميع «المركبات المستوردة» فتحت الحكومة المجال لاعتماد أربع مواصفات عالمية رئيسية هي الأوروبية والخليجية والأمريكية والسعودية، ما يمنح المستوردين خيارات أوسع، بما يضمن مستوى عاليا من الجودة للمركبات المستخدمة محليا.هذه القرارات ليست مفاجئة،بل جاءت بعد"حوار موسع"مع الأطراف ذات العلاقة، وتمت مناقشة البدائل وإعطاء التجار والمستوردين وقتا كافيا للتكيف مع القواعد الجديدة، من باب التشاركية ما بين القطاعين، ما جعل القرارات أكثر قبولا ومصداقية، وأثبتت أن الهدف ليس الإضرار بأحد بل تنظيم السوق ولصالح الجميع.الغاية النهائية من هذه الإجراءات تكمن في بناء سوق متوازن وآمن، وليس تقويض التجارة أو تقييد حركة الاستيراد، بل تهدف لرفع مستوى الجودة وضمان مركبات تقدم للمستهلك خدمة طويلة الأمد، وهذا يتطلب «وجود خدمات» ما بعد البيع ومعرفة هندسية معتمدة من الشركات المصنعة،خاصة بعدما شهدنا اغلاق مصانع وخطوط انتاج لمركبات تم بيعها زيرو للمواطنين ولا يوجد لديها قطع غيار الان.خلاصة القول، هذه الخطوة «تعتبر استراتيجية"لبناء سوق مركبات أكثر تنظيما، فحماية المواطن يجب أن تتقدم على أي اعتبارات تجارية، والاقتصاد القوي لا يقوم على الأرباح السريعة بل على أسس متينة من الجودة والأمان، ما يجعل من هذه الإجراءات تحقق العدالة بين مصالح التجار، وضمان سلامة وحقوق المستهلك من جهة أخرى، لتظل السوق قادرة على المنافسة إقليميا وعالميا.المركبات.. نهاية الفوضى تقترب
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ