أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد

مدار الساعة ـ

المقال الخامس:

? المعلّم العاكس: التقويم الذاتي ومهارة التعلّم مدى الحياة

▫رحلة النمو المستمر: كيف يصنع التأمل معلمًا قدوة؟

المعلّم المبدع لا يكتفي بأن يكون ناقلًا للمعرفة أو مكررًا لأساليب مألوفة، بل يقف بعد كل حصة وكأنه أمام مرآة يسأل نفسه:

"ماذا أنجزت؟ كيف كان أثر الحصة؟ وما الذي أحتاج إلى تطويره؟"

هذه المراجعة الواعية تُعرف بـ التقويم الذاتي أو الممارسة التأملية (Reflective Practice)، وهي سر بقاء المعلّم في حالة تعلم ونمو مهني مستمر مدى الحياة.

وليس هذا بعدًا مهنيًا فحسب؛ بل هو بعد قيمي وتربوي يجعل المعلم قدوة حقيقية لطلابه، حين يرونه يجسّد ثقافة المحاسبة الذاتية والإخلاص في العمل، ويغرس فيهم قيم الصدق والمسؤولية والتواضع العلمي، ويحفّزهم على التعلم الذاتي المستمر.

▪المعلّم العاكس هو الذي:

▫يتأمل تجربته الصفية بانتظام بعد كل موقف تدريسي.

▫يحلل بموضوعية نقاط القوة ونواحي القصور في ممارساته.

▫يطوّر استراتيجياته بما يتلاءم مع احتياجات الطلاب وسياق الدرس.

▫يرى الأخطاء فرصًا للتعلم لا مواقف محبطة.

▫يجسد قيم المحاسبة الذاتية والنمو المستمر ليكون نموذجًا ملهمًا للطلاب.

▪حلقة التقويم الذاتي:

تتبع الممارسة التأملية دورة متكاملة لتحويل الخبرة اليومية إلى رصيد من الكفاءة والابتكار:

1. التخطيط: تحديد أهداف التعلم واختيار استراتيجيات مناسبة.

2. التنفيذ: تطبيق الخطط ومراقبة استجابة الطلاب.

3. الملاحظة: تسجيل التفاعلات وضبط الوقت والأسلوب.

4. التقييم: تحليل النتائج واكتشاف فرص التطوير.

5. التعديل: إدخال تحسينات عملية للحصة التالية.

▪أدوات وأساليب عملية للتقويم الذاتي:

▫ دفتر التأمل الشخصي: تدوين النجاحات والصعوبات مع خطة للتحسين بعد كل حصة.

▫ استطلاع رأي الطلاب: للحصول على تغذية راجعة حول وضوح الشرح وملاءمة الأنشطة.

▫ التسجيل المرئي أو الصوتي: تحليل الأداء الصفّي بموضوعية.

▫ التعاون المهني: تبادل الملاحظات مع الزملاء ضمن مجتمعات التعلم المهنية.

▫ المقارنة بالمعايير التربوية: مراجعة الأداء وفق مؤشرات التدريس الفعّال والكفايات المهنية.

▫ الأدوات الرقمية الحديثة: مثل Google Forms وMentimeter لتقييم سريع، أو تسجيل فيديو قصير للتأمل الذاتي.

▫ استخدام الذكاء الاصطناعي: لمراجعة الأداء وتقديم اقتراحات تحسين قائمة على البيانات.

▪أثر التقويم الذاتي على المعلّم والطلاب:

▫ النمو المهني المستمر: كل حصة تصبح تجربة تعليمية متجددة.

▫ المرونة التربوية: القدرة على التغيير وفق حاجات الطلاب والمستجدات.

▫ تعزيز الثقة بالنفس: وضوح نقاط القوة والضعف يمنح المعلم ثباتًا.

▫ القدوة للطلاب: الطالب الذي يرى معلمه يتعلم ويتطور يتبنى بدوره ثقافة التعلم الذاتي.

▫ تأثير إيجابي على التعلم: الممارسات التأملية للمعلم تساعد الطلاب على تطوير مهارات التفكير النقدي، الربط بين النظرية والتطبيق، والاستقلالية في التعلم.

أمثلة تخصصية للتأمل التطويري:

▫ التربية الإسلامية: إدخال مواقف عملية وأسئلة تطبيقية لتعزيز ربط الطلاب للمفاهيم بالحياة اليومية.

▫ الرياضيات: أنشطة واقعية لتوضيح العمليات الحسابية وربطها بالشراء والتخفيضات.

▫ اللغة العربية: تدريب الطلاب على أدوات الربط وخرائط الأفكار لتعزيز الترابط في الكتابة.

▫ العلوم: إدخال تجارب عملية لتوضيح المفاهيم بدل الحفظ فقط.

▪تحويل التأمل إلى ثقافة مدرسية:

يمكن توسيع الممارسة الفردية لتصبح ثقافة مؤسسية عبر:

▫ ورش تدريبية لكتابة دفاتر التأمل.

▫ مشاهدة دروس مسجلة وتحليلها ضمن فرق تعليمية.

▫ تبادل التغذية الراجعة البنّاءة بين المعلمين.

▫ توفير منصات داخل المدرسة لعرض أفضل التجارب التأملية.

▫ دعم السياسات التعليمية مثل: إدماج مهارات التأمل في برامج التطوير المهني، منح وقت رسمي لمناقشة التأملات الصفية، وتشجيع استخدام التكنولوجيا وأدوات الذكاء الاصطناعي.

▪أثر التقويم الذاتي على مهنة التعليم:

▫ تحسين الأداء التدريسي باستمرار.

▫ تعزيز الثقة والمرونة التربوية.

▫ غرس قيم التعلم مدى الحياة في نفوس الطلاب.

▫ إحداث نقلة نوعية من التدريس الروتيني إلى التعليم العميق الفعّال.

? المعلّم العاكس لا يكتفي بأن يكون ناقل معرفة؛ بل يزرع الإبداع ويقود التغيير.

التقويم الذاتي والتأمل المهني يحوّلان كل حصة إلى مختبر تطوير، وكل تحدٍ إلى فرصة للنمو.

والمعلم الذي يتأمل كل يوم… لا يضيء فصله فقط، بل يترك أثره في مسار أمة بأكملها.

_____________

? خريطة المرحلة الأولى من السلسلة التربوية لبداية العام الدراسي:

1. التهيئة الذكية وإدارة الحصة.

2. بناء العلاقات الصفية الإيجابية.

3. التقويم البنائي المستمر.

4. التعليم النشط وصناعة متعلم منتج.

5. المعلّم العاكس والتقويم الذاتي.

? هذه الخريطة تمكّن المعلّم من الانطلاقة بثقة، والاستمرار في النمو، وترك أثر ممتد في نفوس طلابه.

مدار الساعة ـ